في كثير من البيوت يرتبط التعلم عند الطفل بالواجب الثقيل او العقاب المؤجل او حتى الصراخ والتوتر فكثيرا ما يسمع الطفل عبارات مثل ذاكر قبل ان تعاقب او اذا لم تنجح ستفشل في حياتك هذه العبارات وان كانت من باب الحرص الا انها تزرع في داخله خوفا لا حبا وتوترا لا فضولا
بينما التربية الحديثة تهدف الى تحويل التعليم من مهمة مفروضة الى رحلة ممتعة من الفضول والاستكشاف والشغف فكيف نصنع من الطفل متعلما ذاتيا لا مكرها وكيف نحول الدروس الى اكتشافات لا واجبات
التعلم لا يبدأ من المدرسة بل من البيت
قبل ان يذهب الطفل الى المدرسة يكون قد تعلم الكثير من خلال اللعب والتقليد والتجربة فالطفل بطبيعته باحث صغير اذا وجد بيئة تشجعه واذا شعر ان السؤال لا يعاقب وان التجربة لا تُوبخ
مثال تطبيقي ام خصصت زاوية صغيرة في غرفة المعيشة سميتها ركن الاكتشاف فيها قصص مصورة وتجارب بسيطة وكرة ارضية ومواد تلوين وكانت كل اسبوع تساله ماذا تريد ان تعرف هذا الاسبوع هذه الزاوية صنعت شغفا داخليا بالتعلم
اربط التعلم بالمتعة لا بالعقاب
كلما شعر الطفل ان التعلم وسيلة للحصول على حب والديه لا الهروب من غضبهم سيبذل جهدا ذاتيا
- امدحه عندما يحاول لا فقط عندما ينجح
- اجعل القراءة واللعب والتعلم في مساحة واحدة
- لا تجعل من الدراسة شرطا للحصول على وقت اللعب بل جزءا من يوم متوازن
مثال تطبيقي اسرة اتفقت ان لكل فكرة جديدة يشرحها الطفل لهم من دراسته يحصل على نجمة ذهبية وعند جمع عشر نجمات يختار نشاطا يحبه فاصبح يراجع دروسه ليكتشف ما يمكن ان يشرحه لا ما يجب ان يحفظه
لا تحفظه بل افهمه ثم اساله ان يعلمك
الطفل لا يتعلم بالحفظ وحده بل بالفهم والتطبيق وعندما يشعر انه قادر على شرح ما تعلمه يصبح اكثر ثقة ومتعة
- اساله ما الشيء الجديد الذي اكتشفته اليوم
- اطلب منه ان يشرح لك الدرس بلعب او رسم او قصة
- ناقشه في الفكرة لا في الواجب فقط
مثال تطبيقي اب طلب من ابنته ان ترسم له درس دورة الماء ثم قام بطباعتها ولصقها على الثلاجة هذا التصرف البسيط عزز لديها الفخر بما فهمته وليس فقط بما كتبته
شجع الاسئلة لا تتهرب منها
الاسئلة هي بوابة التعلم لا يجب ان نغضب منها حتى لو بدت بسيطة او متكررة
- قل له لا اعرف فلنبحث معا
- لا تقل له لا تسال كثيرا بل قل له سؤالك ذكي
- ساعده ان يبحث عن الاجابة لا ان ينتظرها
مثال تطبيقي طفل سأل عن لماذا يذوب الثلج فبدلا من شرح نظري قامت امه بتجربة بسيطة في المطبخ بين مكعب ثلج في الخارج واخر في الثلاجة وهكذا تحولت المعلومة الى مغامرة
لا تتحدث عن الدرجات بل عن الجهد
حين نربط قيمة الطفل بدرجته فقط نحوله الى باحث عن رضا الاخرين اما حين نركز على جهده نحوله الى باحث عن تطوير نفسه
- قل له احببت كيف حاولت لا فقط كم حصلت
- ناقشه في كيف يطور طريقته لا فقط كيف يجيب
- شاركه فخره بنفسه لا خجله من نتيجته
مثال تطبيقي ام علق ابنها في مسالة رياضية فجلسا معا يصنعان مسالة مشابهة ثم حلاها خطوة خطوة وعندما نجح قالت له انت اليوم اكتشفت طريقة تفكير جديدة وليس فقط حلا صحيحا
كن قدوته في حب المعرفة
الطفل اذا رأى والده يقرأ وامه تبحث واخاه يسال سيحب ان يكون مثلهم لان الحب ينتقل بالمشاهدة لا بالتلقين
- اقرأ امامه لا فقط اطلب منه القراءة
- شاركه اكتشافاتك اليومية
- اجعله يراك تتعلم لا فقط تعلمه
مثال تطبيقي اب قرأ كتابا صغيرا في القهوة كل مساء فصار ابنه يقلده ثم طلب ان يكون له كتاب خاص فسماه كتاب المغامرات وتحمس ليقرأ فيه كل يوم
الختام التعلم رحلة لا سباق
في النهاية الطفل الذي يحب التعلم سيواصل تطوير نفسه حتى لو لم يحصل دائما على الدرجة الكاملة لانه يرى في كل درس فرصة لا عبئا وفي كل سؤال بداية لا تهديدا وفي كل تجربة طريقا للنمو
فلنرب ابناءنا على ان يسالوا لا ان يخافوا وان يبحثوا لا ان ينتظروا وان يفرحوا بالمعلومة لا ان يحملوها كعبء ولنصنع من بيوتنا بيئة تعلم لا فصل صامت بين الجدران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق