الهوية الوطنية وحديث من القلب
قال لي أحدهم غير مرة معاتباً؛ إنكم أهل الكلام تتحدثون كثيراً عن أهمية الهوية الوطنية وكيفية الحفاظ عليها، وانها روح حياتنا، بل حياة أرواحنا ومركز نهضة دولتنا، دون أن تقولوا لنا كيفية الحفاظ على الهوية؟ وما السبيل إلى تعزيزها؟ ونحن نرى فلذات أكبادنا يتفلتون منها دون أن يشعروا، تحت وقع عالم شديد الإغراء، بما يقدمه لهم من نماذج تستهويهم وتتسلل إليهم كما تتسلق النملة الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، فأنى لنا أن نلاحظها أو نمنعها! قلت: يا صاحبي، كما أن لكل بناء متين أركاناً يستند إليها تعززه وتحفظ له بقاءه، والإخلال بأي ركن منه يعرض البناء كله للسقوط والانهيار مهما كانت قوة الأركان الباقية، فالركن هو الحصن الذي نلوذ إليه ونأمن جانبه. وكما أن للدين أركاناً وثوابت لا يكتمل إيمان من ينال من أحدها، كذلك فإن الأمم التي تريد أن تحفظ لوجودها البقاء ولبقائها التميز، وكذلك تربية الشخصية الوطنية لها أركان، من أهمها وأولها الهوية الوطنية، التي إذا ما تم توليها بالرعاية صارت هناك حالة تصالح مع النفس واتساق مع الذات، حين يشعر المواطن أن الهواء الذي يتنفسه يحمل نكهة موطنه، وليس ذلك من باب العاطفة ولكنه