اسلوب التعامل والمرونة المطلوبة من المدير ومسؤوليته القيادية في مواجهة التصرفات غير اللائقة اثناء الاجتماعات

اسلوب التعامل والمرونة المطلوبة من المدير ومسؤوليته القيادية في مواجهة التصرفات غير اللائقة اثناء الاجتماعات

د بدر رمضان الحوسني

في بيئات العمل الادارية والتربوية تتكرر مواقف تحتاج الى ضبط عال للنفس وحكمة بالغة في التصرف خاصة عندما تصدر من احد الموظفين سلوكيات او تعليقات غير لائقة خلال الاجتماعات الرسمية

المدير الحقيقي لا يتوقف عند السلوك الظاهري فقط بل ينظر الى الموقف كفرصة لاظهار مهاراته القيادية في ادارة الازمات بهدوء واتزان دون انجراف نحو الاستفزاز او التصعيد

تؤكد معايير الكفاءات السلوكية التي نصت عليها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية على ضرورة تحلي المدير بالذكاء العاطفي والمرونة والتواصل الفعال وحل المشكلات بطريقة بناءة مما يعزز من استقرار بيئة العمل ويصون كرامة جميع الافراد داخل المؤسسة

ومن اهم الاختبارات العملية التي يواجهها المدير اثناء عمله ان يتعرض لتعليق مستفز او رد غير لائق من موظف امام زملائه خلال اجتماع رسمي وهنا يكون الموقف حساسا ويحتاج الى تعامل بالغ الحذر حتى لا يتحول الى ازمة اوسع تؤثر على الهيبة الادارية او تضعف الثقة بالقيادة

ولذلك نعرض هنا الخطة التفصيلية للتصرف الحكيم الذي يجب ان يتبناه المدير في مثل هذه المواقف

اولا التزام الهدوء الكامل مهما كان التعليق مستفزا او يفتقر الى الاحترام فاظهار الهدوء يعكس القوة الداخلية للمدير ويحميه من الوقوع في دائرة الانفعال التي قد تفسد هيبته امام الحاضرين

ثانيا تجاهل الرد الفوري وعدم الانخراط في جدال امام الجميع فحتى ان كان لدى المدير اجابات قاطعة او ارادة في تصحيح المعلومات فلا ينبغي ان ينجر الى نقاش امام بقية الحضور لان ذلك قد يعطي الموظف مساحة اكبر للظهور وقد يحفز اخرين على التدخل مما يصعب السيطرة على الاجتماع

ثالثا ادارة دفة الاجتماع نحو الهدف الاساسي عبر استكمال العرض او مناقشة جدول الاعمال دون الالتفات الى السلوك الخارج والتركيز على مواصلة الجلسة بطريقة مهنية مما يبعث برسائل غير مباشرة لكل الحاضرين بان الانضباط هو السائد وليس الشخصنة او ردود الفعل السريعة

رابعا بعد انتهاء الاجتماع يتم استدعاء الموظف بشكل فردي الى جلسة هادئة ويبدأ المدير بالاستماع اليه دون مقاطعة ويطلب منه شرح وجهة نظره وما الذي دفعه لذلك التصرف ثم بعد الاستماع يقدم المدير ملاحظاته بوضوح حول السلوك غير المناسب موضحا اثره السلبي على الاجتماع وزملاء العمل ومكانة المؤسسة

خامسا يجب ان ينتبه المدير اثناء حواره الفردي الى نقطة جوهرية وهي ان بعض الموظفين قد تكون لديهم مشكلات حقيقية يشعرون فيها بالظلم او الضغط وان ردهم الاستفزازي قد يكون انعكاسا لضغوط شخصية او مهنية وبالتالي على المدير ان يوازن بين محاسبة السلوك وبين تفهم الدوافع الانسانية التي قد تكون خلف هذا السلوك دون تبريره

سادسا اذا كان التعليق الصادر من الموظف يحمل في مضمونه بعض الحقائق حتى لو قدم بطريقة خاطئة فيجب ان يعترف المدير بهذه النقاط ولكن بحكمة وبعد دراسة دون ان يشعر الموظف او زملاؤه بان التجاوزات مقبولة او ان الطريقة التي اتبعها الموظف صحيحة لان ذلك قد يشجع تكرار السلوك مستقبلا

سابعا يجب على المدير ان يدرك ان الرد العلني على موظف امام زملائه حتى لو كان محقا قد يتسبب باحراج الموظف امام زملائه وكسر كبريائه مما يفتح الباب للعناد والتصعيد ولذلك يفضل ان تدار جميع التصحيحات والردود الحساسة في جلسات خاصة بعيدا عن اعين الحضور حفاظا على الروح الجماعية

ثامنا في حال كانت الواقعة تتطلب اجراءات رسمية فيجب على المدير توثيق الموقف اداريا وفق الانظمة المتبعة دون تصعيد شخصي ودون تحويل الواقعة الى صراع بل باعتبارها جزءا من الحفاظ على النظام والاداب الوظيفية داخل المؤسسة

تاسعا في اليوم التالي او خلال الاجتماعات اللاحقة يمكن للمدير ان يرسل رسائل عامة غير موجهة لاحد بعينه تركز على ثقافة الحوار المحترم وادب الاختلاف وقواعد النقاش البناء وذلك لغرس مفاهيم الانضباط المهني بشكل مستمر في بيئة العمل

عاشرا واخيرا يجب ان يتذكر المدير دائما ان القيادة ليست فقط في اتخاذ القرارات الصائبة بل ايضا في القدرة على ادارة المشاعر والانفعالات امام المواقف الطارئة وان القائد الذي يحتضن المواقف بعقل هادئ وقلب كبير يبني ثقة عميقة ومستدامة في مؤسسته وبين فريقه

واخيرا يجب ان يكون المدير مستشعرا لاستشراف المستقبل في ردوده وتصرفاته فالتصرف الحكيم اليوم يفتح له ابواب الاحترام والتأثير في المستقبل ورد الفعل الهادئ الحكيم يكسبه الجميع على المدى الطويل حتى اولئك الذين اخطأوا بحقه لان الزمن يكشف من كان الاكثر حكمة ونضجا وادراكا لدوره القيادي السامي

د بدر رمضان الحوسني