المقالات الحديثة
recent

الادرينالين والفوضى بين الحماس والسعادة الزائفة رحلة في كيمياء المشاعر وضبط الوعي الانساني



رحلة في كيمياء المشاعر وضبط الوعي الانساني

بقلم د بدر رمضان الحوسني

في زمن تتسارع فيه الاحداث وتتصاعد الضغوط يعيش الانسان اليوم في حالة استنفار دائم

مكالمات لا تنتهي ومهام متراكمة وضجيج يملأ المدن والعقول

وسط كل هذا يعمل هرمون صغير في اجسادنا دون اذن يقودنا احيانا للحماس واحيانا للفوضى

انه الادرينالين

هذا الهرمون يجعل القلب ينبض اسرع حين نخاف ويمنحنا طاقة اضافية حين نغضب او نتحمس

هو صديقنا في لحظات الخطر لكنه يصبح عدونا حين يتحول من استجابة مؤقتة الى اسلوب حياة دائم

ما هو الادرينالين

الادرينالين هرمون يفرز من الغدة الكظرية عند الشعور بالخطر او التوتر او الاثارة

يدخل الجسد في حالة طوارئ فيرفع النبض ويزيد تدفق الدم ويحفز الطاقة

هذه العملية ضرورية لانقاذ الحياة لكنها تجهد الجسد اذا استمرت بلا مبرر

انه يشبه المنبه الذي يوقظك صباحا مفيد حين يستخدم لكنه مؤذ اذا لم يتوقف ابدا

حين يتحول الحماس الى فوضى

بعض الناس يعيشون على دفعات متواصلة من الادرينالين

ينتقلون من مهمة الى اخرى ومن انفعال الى اخر ومن حماس الى ضيق دون توقف

يظنون ان الهدوء فراغ وان السكون ملل

لكن الحقيقة ان هذه الحالة ليست حياة مليئة بالطاقة بل ادمان على التوتر

انها السعادة الزائفة التي يسببها ارتفاع الادرينالين

سعادة لحظية تشبه الوميض تترك بعدها تعب وقلق وخواء

الموسيقى والادرينالين

الاصوات من حولنا تحرك كيمياء اجسادنا اكثر مما نتصور

فالموسيقى السريعة والضجيج المتواصل يرفعان مستوى الادرينالين ويمنحان احساسا مؤقتا بالقوة والنشوة

لكن بعد انتهائها يهبط المزاج فجأة فيولد الاحباط او العصبية

بينما الاصوات الهادئة او التلاوة المتزنة او انغام الطبيعة تخفف الادرينالين وتمنح صفاء داخلي حقيقي

ولهذا فاختيار ما نسمعه يوميا ليس رفاهية بل تربية سمعية تؤثر في الوعي والسلوك

الادرينالين في المدرسة والمجتمع

في البيئة المدرسية يظهر الادرينالين في مواقف كثيرة

توتر الطالب عند الامتحان غضب المعلم عند الفوضى انفعال ولي الامر عند الخلاف

المدرسة التي لا تدرك اثر هذا الهرمون تتحول دون قصد الى بيئة مشحونة

بينما المدرسة التي تدير انفعالاتها بوعي تزرع في طلابها مهارة التوازن النفسي

والامر ذاته في المجتمع فحين ترتفع نبرة الغضب في الشوارع او الاعلام او المنازل

يتحول الادرينالين الجمعي الى فوضى سلوكية تشعل النقاشات وتضعف الحوار وتزيد الحوادث

من السيطرة الى التوازن

ضبط الادرينالين لا يعني كبح المشاعر او قمع الطاقة

بل يعني ان نعرف متى نستخدم الحماس ومتى نختار الهدوء

انه وعي بالذات لا يقمع ولا يندفع

يمكن تحقيق ذلك من خلال

التنفس العميق عند الانفعال

النوم المنتظم لتصفير التوتر

الحركة اليومية المتزنة

تقليل المنبهات والضوضاء

بناء ثقافة الهدوء قبل الرد في العمل والمدرسة والبيت

السكينة كقوة قيادية

القائد الحقيقي ليس من يرفع صوته بل من يملك توازنه حين يرتفع صوت الجميع

السكينة في المواقف الصعبة ليست برودا بل ذكاء انفعالي يدل على نضج القيادة

وهنا يأتي دور المدير والمعلم والاب والام في ان يكونوا قدوة في ضبط الادرينالين لا في اشعاله

من الفوضى الى الوعي

الادرينالين ليس خصما للحياة بل جزء من نظامها

هو الذي يجعلنا نتحرك لكنه يطلب منا ان نعرف متى نتوقف

الوعي به هو الخطوة الاولى نحو حياة هادئة منتجة

حيث يصبح الحماس اداة بناء لا وسيلة انهاك

فلنعد اكتشاف الجمال في الصمت كما نكتشفه في اللحن

ولنتعلم ان الهدوء ليس ضعف بل حكمة تصنع التوازن بين القلب والعقل

في الختام

العالم لا يحتاج الى مزيد من السرعة بقدر ما يحتاج الى مزيد من الوعي

المجتمعات التي تفهم كيمياء الهدوء تزرع في ابنائها نضج

وفي مؤسساتها استقرار

وفي قلوبها سعادة حقيقية لا تزول بانخفاض هرمون ولا بتغير ظرف

ملاحظة

تم اعداد هذا المقال باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي باشراف المؤلف

د بدر رمضان الحوسني

albder.com


Albder.com

Albder.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.