المقالات الحديثة
recent

غياب الشفافية يدمّر بيئة العمل

https://vt.tiktok.com/ZSSDNE3PK/

غياب الشفافية يدمّر بيئة العمل


عندما تُخفى المعلومات، وتُدار القرارات في الظل، يفقد الموظفون ثقتهم بمؤسستهم، ويبدأ التآكل الصامت في ثقافة الفريق. فالشفافية ليست خيارًا تجميليًا، بل هي العمود الفقري لبيئة عمل سليمة وآمنة، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من الحقيقة، وليسوا ضحايا لها.



ما المقصود بالشفافية في بيئة العمل؟



الشفافية تعني الوضوح والمشاركة الصادقة في نقل المعلومات المتعلقة بالقرارات والإجراءات والسياسات المؤسسية، بما يُمكّن الموظفين من فهم السياق، ويساعدهم على اتخاذ قراراتهم والتفاعل مع بيئتهم المهنية بثقة.


ووفقًا لتعريف منظمة الشفافية الدولية (Transparency International):


“الشفافية تعني الانفتاح والوضوح بشأن السياسات والإجراءات والمعلومات ذات العلاقة، بطريقة تُمكّن من المساءلة وتُقلل فرص الفساد.”

(Transparency International, Glossary of Key Terms, 2020)


في المؤسسات، تتجلى الشفافية في:



  • الصدق في التواصل بين القيادة والموظفين
  • وضوح السياسات والمعايير والقرارات
  • تيسير الوصول إلى المعلومات المؤثرة على الأداء
  • إتاحة مساحة آمنة للحوار والتغذية الراجعة




1. الثقة لا تُمنح بل تُبنى



الثقة بين الإدارة والموظفين لا تُشترى بالمكافآت ولا تُفرض بالقرارات، بل تُبنى على شفافية في التوجهات، وعدالة في التعامل، وصدق في التواصل. وعندما يشعر الموظف أن الإدارة تخفي الحقائق أو تتلاعب بالمعلومات، تبدأ العلاقة بالانهيار، حتى لو كانت القرارات صحيحة من الناحية الإدارية.



2. المعلومة المغيّبة تغذّي الشائعات



في غياب الشفافية، لا يُترك فراغ، بل يُملأ بالتكهنات. الشائعات تصبح مصدرًا للمعلومة، وتنتشر كالنار في الهشيم، مسببة ارتباكًا نفسيًا وجوًا من التوجس بين أفراد الفريق. أما الإدارة التي تفتح قنوات التواصل، وتشارك المعلومات بمهنية، فإنها تُجهض هذه الدوامة قبل أن تبدأ.



3. المساواة تبدأ من الوضوح



القرارات غير الواضحة تُفهم غالبًا على أنها تمييز. لماذا رُقي هذا الموظف؟ لماذا نُقل هذا الفريق؟ ما سبب إلغاء المشروع؟ في بيئة العمل غير الشفافة، تُفسر كل خطوة وكأنها مجاملة أو محاباة، ويشعر الموظفون بعدم الأمان المهني. بينما تعني الشفافية أن كل قرار مؤسسي له مبرراته، ويمكن تفسيره ومناقشته باحترام.



4. الإبداع لا يعيش في الظلال



الموظف الذي لا يعرف ما يجري في مؤسسته، أو يخشى التعبير عن رأيه، لن يبدع. بل سيكتفي بأداء الحد الأدنى حتى لا “يخطئ”. الشفافية تمنح الموظف الأمان، وتشجعه على تقديم الأفكار واقتراح الحلول والمشاركة في التطوير. بيئة العمل الناجحة لا تنمو بالعتمة، بل تحتاج إلى ضوء الحقيقة حتى تُزهر.



5. الشفافية لا تعني كشف كل شيء



من المهم التفرقة بين الشفافية وبين الفوضى في المعلومات. الشفافية تعني الوضوح في الحقوق والواجبات، وفي القرارات التي تمس الموظفين ومصالح المؤسسة، لكنها لا تعني إفشاء أسرار استراتيجية أو تجاوز الخصوصيات. الإدارة الذكية تمارس الشفافية بذكاء، وتُحسن التوقيت والمحتوى والقنوات.



6. الشفافية تُحوّل المدير إلى قائد



المدير الذي يشرح، ويشارك، ويتحاور، يتحوّل من صاحب سلطة إلى قائد حقيقي. فالقائد لا يكتفي بإصدار التعليمات، بل يصنع بيئة ثقة تشبه الفريق العائلي، يكون فيها الجميع على بيّنة من التوجهات والأهداف والنتائج.





خلاصة المقال:



غياب الشفافية لا يُنتج سوى القلق، والريبة، وتراجع الأداء. أما الشفافية، فهي الاستثمار الأقوى في رأس المال البشري، وأداة فعالة لبناء ولاء مؤسسي طويل الأمد. فكلما زادت وضوح المؤسسة في قراراتها وممارساتها، زاد تمكينها لموظفيها، ونضجت ثقافتها الداخلية، وارتفعت سمعتها في الخارج.




From Blogger iPhone client
Albder.com

Albder.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.