لا شك أن تربية الأبناء على أسس سليمة تكفل لهم حياة متزنة نفسيًا وجسديًا، وهي أهم مهام الآباء، إليك أهم عشرة أخطاء قد تقع فيها كمربٍ.

أخطاء التربية، التحرش الجنسي بالأطفال،

لا شك أن تربية الأبناء على أسس سليمة تكفل لهم حياة متزنة نفسيًا وجسديًا، وهي أهم مهام الآباء، إليك أهم عشرة أخطاء قد تقع فيها كمربٍ.

1. (اتركه ليبكي- لا تحمله- سيعتاد الحمل)

هل تبدو لك هذه العبارات مألوفة؟
يظن المربي أنه إن استجاب لبكاء الطفل فورًا خلال سنته الأولى فهذا تدليل للطفل، وقد يتسبب في اعتياده لهذه الاستجابة السريعة منه. هذه العبارة من أشهر أخطاء التربية.
الطفل في سنته الأولى، يخرج من البيئة المثالية التي توفرت له في رحم الأم ليجد بيئة مختلفة تمامًا، غير مريحة وغير ملائمة، هناك دائمًا شيءٌ ما غير مريح، والأسوأ أنه لا يعرف كيف يمكنه أن يخبرك بهذا الشيء! لذلك يعتبر البكاء وسيلته الوحيدة للتعبير عن ذلك. ثم ماذا؟ – اتركه ليبكي.
هل تفهمت ما الضرر الذي تحدثه للطفل؟ إنك تخبره بالتجربة أن هذا العالم الجديد الذي انضممت إليه، غير موثوق به، ولا أحد هنا يهتم برغباتك، ستقول: لكنه غير جائع، ولا يريد تغيير الحفاظ! لذلك لابد أنه يبكي تدللًا!
سأقول لك: إن هناك قائمة طويلة جدًا لأسباب بكائه.
  • نائم بوضعية غير مريحة (وهو في سن لا يستطيع التقلب بمفرده).
  • الإضاءة عالية/ منخفضة (وهي تفضيلات شخصية، ستكتشفها بالوقت مع طفلك).
  • الصوت حوله عالٍ/ منخفض ( يخضع أيضًا للتفضيلات الشخصية).
  • يريد أن يطمأن بوجودك.
  • يعاني من ألمٍ ما.
  • يشعر بالملل! ( يمكنك تخيل حالك إن كنت حبيسَ وضعية واحدة لساعات، يريد الطفل أن يرى أشياء مختلفة عن سقف غرفته بالطبع).
وتطول القائمة التي يمكن أن يبكي الطفل بسببها، غير الجوع والنظافة، مع الوقت والاهتمام ستتمكن من التعّرف على ما يريده طفلك. إذا هرولت إلى طفلك وبدأت بتجربة الأشياء في قائمتك، قد تفاجأ أنه صمت قبل أن تكتشف المشكلة، لأنه أدرك أنك تحاول حل المشكلة.
مبادرتك إلى طفلك خلال السنة الأولى حين يبكي، يعطيه فكرة أن هناك من يهتم به ويكترث لأمره ويريد أن يوفّر له بيئة مناسبة، ولا أعتقد أنك كمربٍ ترغب في أن يفقد طفلك الثقة في تواجدك حين يحتاجك في سنته الأولى، بينما تنتظركم الكثير من المشاكل فيما بعد.

2. الحب المشروط

أكمل طعامك حتى تحبك ماما»، «ذاكر حتى يحبك بابا»، «إذا كذبت فلن يحبك الله».
إذًا ماذا سيحدث حين تخطئ؟ ستفقد الحب. هذه هي الرسالة التي توجهها لطفلك في سنواته الأولى، حيث حصوله على الحب والتقبل هو أولويته الأولى.
كيف أصيغ جملي بطريقة أفضل؟
«أنا لا أحب أن تكون غرفتك غير نظيفة»، «أنا لا أحب استخدام الألفاظ السيئة».
أنت تكره الفعل وليس الفاعل، على طفلك أن يكون متأكدًا من ذلك، وأنه سيظل محبوبًا بغض النظر عن أخطائه التي يمكن إصلاحها وتجنب الوقوع بها.

3. السخرية

لا بد أنك تتذكر بعض الفيديوهات المنشورة على صفحات الإنترنت لأطفال يبكون لسبب ما، صوّرهم ذووهم ونشروها لأنه شيء مضحك أن يبكي الطفل لسبب ما.
أغلب أفعال الأطفال قد تكون مضحكة بالنسبة لك كراشد، لأسبابٍ عديدة. أهمها أنك تخطيت هذه المشاكل التافهة. لكن هل هي تافهة بالنسبة لطفلك؟
سماحك بأن تتخذ من أخطاء طفلك مادةً للسخرية مع الأصدقاء (أمامه أو من وراء ظهره). والتندّر بها، هو تعد سافر على خصوصية طفلك، ويعرضه للإحراج وفقدان الثقة بكَ وبنفسه، خاصةً فيما يتعلق بدخول الحمام، وهو من الأمور التي تماثل إحراجك كراشد إن تحدث أحدهم بسخرية عن كيف فقدت سيطرتك بالأمس! ربما تظن أن الأمر أقل إحراجًا للطفل، لكنه ليس كذلك.

4. التعدي البدني

«لقد جربت كل الطرق، لم أصل إلى الضرب إلا بعد نفاد كل شيء. صدقيني»، «لقد تربينا جميعًا على الضرب، مالذي حدث!».
لابد أنك قلتها مرةً أو مرتين، أو على الأقل سمعتها حولك، مبدئيًا.. أنت لم تجرب كل شيء، هذه جملة في غاية السخافة، لأنها مستحيلة. يستحيل أن تكون فعلًا جربت كل الطرق.
ثانيًا، ما الخطر من السماح بالتعدي البدني على الطفل؟
  • أنت تتعدى على مساحته الجسدية، بل تخبره بشكل عملي وواضح أن من حقك ضربه ما دمت شخصا يفوقه قوةً أو حجمًا. لذلك من حق: (الطفل الأكبر منه / المعلم / رجل الأمن / المعتدي) أن يمارس عليه العنف الجسدي، بل من حقه هو كذلك أن يفعل ذلك مع الأصغر منه حين تتاح له مقومات التعدي: (القوة / الحجم).
  • أنت تشوه الحب لديه، «أنا أضربك لأني أحبك» – تضربه ثم تربت على ظهره، أو تحتضنه! فسيعتقد طفلك أن من الطبيعي أن يحبك أحد ويضربك!، ستنشأ فتاتك على أن تتقبل ضربَ شريكها (لأنه يحبها)!.
  • تسمح لنفسك أن تفّرغ غضبك عليه، أنت لا تضرب طفلك لأنك جربت كل الطرق، أنت تضربه لأنك منهك من تحدياتك الشخصية في العمل/ مع شريكك/ مع أهلك… إلخ. وإذا سمحت لنفسك بكسر هذا الحاجز بينك وبين الطفل، فسيصبح من الطبيعي أن يكون هو من يتحمل كل ذلك الغضب لأنه الأضعف!
  • أنت لم تضربه لأنه أخطأ، أنت تضربه لأنك لا تعرف كيف تتصرف، ولأنك تريد نتيجة سريعة لأن حياتك الأخرى تنتظرك.

5. التذبذب

قد تنسى كمربٍ الأشياء التي قلتها لطفلك لأنك منشغل بعالم آخر غيره. لكنه لا ينسى!
لذلك عليك أن تكون حازمًا وثابتًا في أقوالك. «ممنوع لعب الكرة في المنزل»، إذًا فهو ممنوع بشكل قاطع، لا يمكنك أن تسمح به ليوم وتمنعه ليوم إلا إن كان هناك تغيير واضح يمكنك إخبار الطفل به، مثل: «يمكننا لعب ساعة إضافية اليوم لأنه يوم العطلة»، «يمكنك لعب ساعة إضافية لأنك أنجزت مهامك في أقل من الوقت المطلوب، فهذه مكافأة».
لكن تشتيتك لطفل بقوانين متغيرة، سيجلب له ولك المتاعب. ويمكن أن تتخيل مديرك في العمل، يعطيك قوانينَ مختلفة كل مرة، ويخبرك أن السبب: «لأني قلت ذلك».

6. المساعدة المفرطة

في إطار تربيتنا للأطفال نظن أنه من واجبنا حمايتهم من المشاكل والمصاعب. «لا تلعب في الرمال حتى لا تُوَسِّخ ملابسك»، «لا تركض حتى لا تسقط».
نهرع إليه فور سقوطه لنحمله، لننظف ملابسه، لنفك شجاره.
يحتاج الطفل أن يتحمل أخطاءه بنفسه، يحتاج أن يعرف أنه قد يخطئ، وكيف يحل المشكلة. بمساعدتك المفرطة، سيكبر طفلك ظانًا أنه سيأتي أحدٌ ما لينقذه في النهاية. هناك (كبير) دائمًا لحل المشكلة، ولا أعتقد أنك تريد أن ترى طفلك هذا الراشد المتكّل على الآخرين.

7- الطريقة الواحدة في التربية

في كل عمل ستعمله دائمًا ما تتكل على خبراتك المتكررة. يؤسفني أن أخبرك أن التربية علمٌ من الصعب فيه الاتكال على الخبرة وحدها. سيخبرك الجميع أن أخطر ما قد تفعله لطفلك هو مقارنته بأخيه/ بآخرين، لكن ما الذي يجعلك تقارن؟
أنت تتوقع أنك عرفت كيف تربي طفلًا بناءً على طفلك الأول. أو على ما فهمته من مبادئ التربية (النظرية – المطبقة على آخرين). وتغفل أن طفلك الجديد هو شخصية مستقلة مختلفة تمام الاختلاف، أعرف أنه من ذات الأب والأم وتكّون في ذات الرحم، لكنه متفّرد بذاته بالتأكيد!
لذلك حين تكون له ميول مختلفة، طرق تعبير مختلفة، طرق تحفيز / عقاب مختلفة، ليس لأنه أسوأ / أفضل من أخيه.
بل لأنه (شخص آخر)، وأن عليك البدء من جديد، من الصفر، للتعرف على الفرد الجديد.

8- عدم إعطائه الوقت الكافي

الطفل أصغر حجمًا منك، لديه عضلات أصغر، وإدراك أصغر، قد تبدو لك هذه معلومة ساذجة، لأنك بالطبع تعرفها!
لكن لا يبدو أنك تعرفها حين تطلب من الطفل أن يدرك تغيير الخطط الفجائي، وأن يلبس ملابسه في خمس دقائق مثلك. أو أن يسرع في مشيه لأنك متأخر.
عليك كراشد أن تدرك كيف تغيرت حياتك بوجود طفلك، وأن على رحلاتك أن تكون معدّة بشكل مسبق، وأن يأهل الطفل للمكان وأن يعطى مساحة من الاختيار والوقت كي يستطع الاستعداد بشكل متزن وكافٍ.

9- الأنماط الجنسية

وضعك لطفلك في قالب يتعلق بجنسه: (ألعاب الأولاد/ ملابس الأولاد/ البنات لا يفعلن/ لا يقلن).
يمنع طفلك من التعبير عن نفسه بشكل صحي، ماذا لو أحب طفلك الولد (لِعب المطبخ)؟ وماذا لو أحبت طفلتك (سباق السيارات)؟
وضعك لأطفالك داخل أنماط جنسية، يؤثر بشكل سيئ على تكوين هويته، وعلى تقبله لذاته وميوله الشخصية، وربما يؤدي هذا لتغير سيئ في مساره النفسي وبالتالي مسار حياته نفسها.

10- الإجبار على اللمس

الجميع يريد أن يظهر أطفالهم بشكل جيد أمام الأقارب والأصدقاء، لكن هذا لا يعني أن تكسر حاجز الحرية الجسدية لدى الطفل بإجباره على التقبيل والاحتضان حين يرفض ذلك. أيًا كان الشخص. حتى لو كانت جَدته أو عمّه. أو أنت كأب أو أنتِ كأم.
إذا رفض الطفل التلامس الجسدي لأي سببٍ كان، فعليك احترام ذلك فورًا بأن تسمح له بذلك، إجبارك الطفل على التلامس الجسدي يعطيه رسالة واضحة أن لا سيطرة له على جسده أمام ما يريده الأخرون، وهو ما يشوه ثقافته الجنسية ووعيه، سواءً أمام أي متحرش جنسي قد يأتي في المستقبل أو فيما بعد في تكوين علاقة جنسية صحية مع شريكه.

في النهاية.. ضغوط الحياة والمهام الأخرى الكثيرة المطلوبة من الوالدين تعرضهم بشكل أو بآخر للوقوع في هذه الأخطاء، لكن ببعض التركيز يمكننا تلافي الوقوع في هذه الأخطاء، وهذا -بكل تأكيد- سيوفر علينا الوقت والجهد الذي سيستهلكه علاج نتائج هذه الأخطاء من أضرار نفسية واضطرابات للطفل. قليلٌ من الجهد في البداية يوفر عليك كثيرًا من الجهد  بعد ذلك.
ندى القصبي


Comments