لمسات إنسانية في فن التعامل مع الأبناء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لاشك أن التربية الإسلامية
"فن" يجب على الآباء والمربين إتقانه.
ولاشك أن الاتقان يستلزم الاحاطة بإهداف التربية ووسائلها.
ومن أجمل الكتب في التربية


هذا الكتاب الذي سأنقل منه إليكم "مقتطفات"
والكتاب بعنوان

"اللمسة الإنسانية " للدكتور محمد بدري.

ويقول المؤلف بأن سبب تسميته "باللمسة الانسانية"
لإحساسه بأننا في أمس الحاجة الى أن نضفي على
تعاملنا مع أبنائنا لمسة إنسانية حانية.
وقد أجمل هذه اللمسة الإنسانية في عشرة أبواب
تجمعها حروف كلمة

"human touch"

1- استمع اليه
2- احترم مشاعره
3- حرك رغبته
4- قدر جهوده
5- مده بالأخبار
6- دربه
7- أرشده
8- تفهم تفرده
9- اتصل به
10- أكرمه

الباب الأول:
استمع الى ابنك

ويشتمل على ثلاثة فصول:

1- المهارة الصامتة
2- السحر الأبيض
3- السير فوق الخيط الرفيع

الفصل الأول
المهارة الصامتة

بينما أنت في حجرتك تكتب في بعض شؤونك هبت نسمات قوية بعثرت أوراقك في أنحاء الغرفة فبدأت تركض في أنحاء الغرفة محاولا بيأس جمع تلك الأوراق وفي النهاية انتبهت أن من

الأفضل أخذ 10 ثوان من وقتك لكي تغلق النافذة.
هذه هي فكرة الانصات،
فالتأثير النفسي في السماع والانصات لا يعادله اي تأثير آخر،
فقد قيل ان أكثر الناس يستدعون الطبيب لا ليفحصهم
بل ليستمع اليهم.

* السماع الكامل:

الاستماع هو أهم وسيلة للإتصال مع الأبناء،
فحتى تفهم أبناءك لابد أن تستمع إليهم،
فالاستماع هو أسهل وسيلة لامتلاك قلب الابناء،
فحتى أنت أيها المربي عندما تضيق بأمر ما أو تفرح بشئ ما
فإنك تتجه الى من يحسن الانصات إليك، فأنت اخترت
هذا الصديق أو ذاك الشخص لأنه يحسن الانصات اليك
لذلك أنت تحبه وتحكي له أسرارك ومتاعبك وأفراحك.
إذن كلما أنصت لابنك زاد قربه منك وحبه لك.
فمثلا: إذا أراد ابنك أن يتحدث معك وكنت مشغولا جدا،
فلا تتظاهر بسماعه،
وإنما اطلب منه أن يعود إليك لتسمعه سماعًا حقيقيًا.
وكذلك الحال بالنسبة للأم فأبناؤك دائما يختارون الوقت الذي تكوني فيه مشغولة إما في المطبخ أو في التنظيف
ثم يتحدثون اليك،
فلابد أن تتوقفي لتستمعي إليهم مهما كانت مشاغلك.
سيقول البعض:
من الذي عنده صبر لهذا التفاهم والتواصل والاستماع والتفهم؟؟
لذلك نؤكد على أن الصبر هو المادة الأساسية في تربية الأبناء وعلينا التدرب عليه بل نرغم أنفسنا عليه.
فمثلا: رجع ابنك من المدرسة ويريد التحدث معك في موقف حدث له، اتركيه يتحدث ولا تقاطعيه لكي تبيني له الخطأ
الذي وقع منه ،
الصحيح استمعي إليه أولا ثم بعد انتهائه من حديثه
وضحي له الخطأ الذي وقع فيه.
طبعا بالتأكيد هذا يحتاج الى مزيد من الصبر وضبط النفس.
ومن المؤكد أن أفضل طريقة لاقناع ابنك بفكرتك أن تدعيه
يطرح أفكاره حتى إذا انتهى من إفراغ ما في صدره
تقومين أنت بالتوجيه والارشاد.
ولتسألي نفسك عزيزتي المربية:

1- هل تقاطعين ابنك وهو يتكلم؟
2- هل تستطيعين التحلي بمزيد من الصبر لتسمعيه سماعا كاملا؟
إذا كانت إجابتك سلبية،
فأنت بحاجة فعلا لتنمية مهارة السماع لديك.
1- استمعي لابنك بكل كيانك:
اتركي مشاغلك وأعمالك جانبا واستمعي لابنك بشكل عميق
وبوعي وبتركيز، وانظري إلى عينيه وتأملي فيهما
ولا تطلبي منه أن يسرع في إنهاء الموضوع.
2- ان تسمحي لابنك ان يكون في دائرة الضوء:
يهتم معظمنا بأن يكون هو المركز الذي يدور حوله الآخرون، ولكي تصبحي مستمعة جيدة أنت تحتاجين إلى أن تسقطي
دائرة الضوء على أبنائك أثناء فترة إنصاتك لهم،


لاتفكري وقتها من أنت؟
ما مكانتك؟
ماذا تريدين من أبنائك؟
إنما فكري أكثر فيما يريد إخبارك به.
3- أن تتعلمي الصبر:
وهنا سأطرح عليكي سؤال:
اذا كنت في عجلة من أمرك، هل يمكنك الاستماع؟
لا أظن ذلك.
إذن إذا اردت أن تكوني مستمعة جيدة لابد لك أن تتعلمي
الصبر حتى ينتهي حديث ابنك
ومن ثم بعد ذلك لك أن تصدري الأحكام
أو تنقدي تصرفاته وما إلى ذلك.
4- الاهتمام الحقيقي بالأبناء:
لا فائدة من النقاط الثلاث الأولى إلا بوجود الاهتمام الحقيقي لأبنائك،
ماذا يريدون؟
ومن اي شئ يعانون؟
هذه النقطة هي الاساس في كل العلاقات الانسانية.

أختي المربية:

إنك من خلال الاستماع إلى أبنائك تبعثين برسالة لهم مفادها :" أنتم جديرون حقًا بالاستماع إليكم"
وأثناء استماعك لهم لابد أن تظهر ملامح الإعجاب
أو الاشمئزاز على وجهك مع إصدار بعض الاصوات مثل:
( ام ام..)أو كلمات سريعة(عظيم) (رائع) (أحسنت)
أو عبارات قصيرة (هذا فعل طيب).

* الصمت الواعي:


لابد أن نعرف فن التوفيق بين واجب الصمت وواجب الكلام.
ولكن لابد من استخدامهما كلا في موضعه وفي الوقت المناسب لذلك.
فمثلا : قد يريد ابنك التحدث إليك ويحتاج لتفاعلك معه ولكنك ملتزمة الصمت فهذا يعطيه إحساس بأنك إما تريدين منه أن ينهي حديثه بسرعة أو أن حديثه غير مهم بالنسبة لك.

كيف تحققين ذلك الصمت الواعي؟

عليك أن تحققي الصمت ليس بأذنيك فقط بل بعينيك أيضا، فنحن قلنا في البداية أنك يجب ألا تقاطعي ابنك أثناء حديثه لكن لابد أن يشعر ابنك بتفاعلك معه فهذا يشجعه على الكلام أكثر.
وهنا أهديك ثلاث نصائح:
1- لا تتسرعي في إبداء رأيك، تحكمي في رد فعلك، واختاري انسب وقت لتعريف ابنك به.
2- حاولي أن تفكري بعقلية ابنك وتقبلي اقتراحاته وأفكاره الجديدة.
3- حاولي أن ترين الأمور بصورة كلية.

* الانصات الفعال:

كثير من المربين يحاولون علاج أخطاء أبنائهم في إلقاء محاضرات عليهم، ولاشك أن تلك المحاضرات ليس لها تأثير إيجابي عليهم بل قد يتمادون في الأخطاء ظنا منهم أنهم
استطاعوا السيطرة على مشاعر الأم أو الأب.
لكن الطريق الصحيح لعلاج السلبيات عند الابناء هو

ممارسة: "الانصات الفعال"

وهذا يكون عبر خمس خطوات:

1- احترام مشاعر الابن وقبولها
وذلك عبر الانصات الهادئ، وقبول مشاعر الابن.
2- اظهر للابن أنك تنصت له
ويكون ذلك عبر الاشارات مثل هز الرأس.
3- كرر ما قاله الابن، وحاول إجمال ما حكاه تفصيلا
وذلك عبر إعادة صياغة أفكاره ومشاعره بشكل ملخص.
4- أعد تسمية مشاعر ابنك
راقب انفعالاته اثناء حديثه ( غضبان، محبط...)
فمثلا اذا جاءت ابنتك تشتكي من معلمتها في المدرسة
تفاعلي معها وتجاوبي ببعض العبارات
يبدو أنك في غاية الاستياء من معاملة المعلمة، أليس كذلك؟

5- الاحتواء

خذي هذا المثال
رجعت سارة من المدرسة غاضبة واشتكت لأمها
سوء معاملة المعلمة لها
سارة: أكره معلمتي، لقد صرخت في وجهي
لأنني نسيت دفتر الحساب
الأم وهي تحاول احتواء غضب ابنتها:
أنت شعرت أن تصرفها غير عادل، أليس كذلك؟
أجابت سارة فورًا: بالطبع ،
كنت أتمنى أن أصرخ فيها وأرميها في القمامة
الام : كلامك يدل على أنك غاضبة منها جدا
هنا بدأ غضب سارة يخف تدريجيا
وبعد لحظات ذهبت لتلعب مع أخيها
فالأم في هذا الموقف عملت على احتواء غضب ابنتها
عبر المهارة الصامتة فوصلت الام للنتيجة المطلوبة وهي:
ذهبت سارة لتلعب مع أخيها بعد أن حصلت على
التأديب المطلوب من المعلمة، وأفرغت شحنة
الغضب أثناء حديثها مع أمها.

فالنصيحة التربوية لكل مربي:

كن أقل تسرعًا في التعليق،
ولتكن تعليقاتك هادئة وليست عدائية.

مثال على ذلك:
أحمد: إن عبدالرحمن غبي يا أبي؟
الاب: لا تتحدث عن أخيك بهذه الطريقة،
لقد سبق وأخبرتك بهذا؟
لاشك أن لهجة الاب لهجة ناقدة ولن تتيح للابن
أن يحكي عن مشاعره.
والصواب
أحمد: إن عبدالرحمن غبي يا أبي؟
الاب: هل أنت غاضب من أخيك؟ (الاب هنا يستوضح الامر)
أحمد: نعم، لقد اخبرته أنني لن احضر تدريب النادي لليوم
لأني لا أحب مقابلة "فلان " فذهب وأخبره
هذا الاسلوب جعل أحمد يسترسل في الحديث مع أبيه

اذن يمكن اتقان الانصات الفعال عبر خمس أشياء:

1- ضع عينيك في عين ابنك ولا تشيح بوجهك عنه.
2- حاول ان يكون هناك علاقة اتصال بينكما من خلال وضع يدك على كتفه، تشابك الأيدي.
3- علق على ما يقوله ابنك دون أن تسحب الكلام منه من خلال حركة الرأس أو الوشوشة الميمة بنعم أو ماشاء الله
مما يوحي له بأنك تتابعه باهتمام.
4- ابتسم باستمرار وابد ملامح الاطمئنان، ولا تنظر للساعة اثناء حديثك معه وكأنك تقول: لاوقت لدي لكلامك.
5- متى ما وضحت الفكرة وتفهمت الموقف أعد مشاعر ابنك وأحاسيسه باختصار.


شكرا للكاتب

Post a Comment

Previous Post Next Post