العقاب

يعد الضرب أحد أساليب العقاب البدني الشائعة استخداما في مدارسنا  لدرجة أنه اصبح عادة سلوكية لعدد لا باس به من المعلمين خصوصا في مرحلة الطفولة المبكرة والمتوسطة من مرحلة التعليم الأساسي بحلقتيها الابتدائية والإعدادية 0
ولعل أسباب هذه الظاهرة عديدة أهمها :-
  •  انه وسيلة سهله لضبط سلوك التلاميذ  خصوصا الأطفال كثيري الحركة وطريقة سهلة لسكوت الأطفال0
  • بعض الأفكار الخاطئة لعدد من المعلمين يعتقدون أن الأطفال الذين يأتون من أسر فقيرة اعتادت على الضرب لا ينضبط سلوكهم بالحب والتوجيه والارشاد00 ولكن لا ينضبط سلوكهم الا بالضرب0
  • يدعى بعض المدرسين أن أولياء الأمور يحضرون للمدرسة ويطلبون من المعلمين ضرب ابنائهم0
  • الضغوط النفسية للمعلمين والاقتصادية والإدارية التعليمية قد تكون أحد العوامل التي تجعل المعلمين يفرغون شحنة غضبهم وعدوانهم في التلاميذ00
  • هناك عدد من المعلمين يستخدمون الضرب كرد فعل عكسي لاسقاطات عدوانية دفينا منذ الصغر نتيجة لما وقع عليهم من ضرب سواء من معلميهم أو من أولياء أمورهم0
  • بعض المعلمين يستخدم الضرب كوسيلة لرفع مستوى العملية التعليمية وزيادة تحصيل التلاميذ وتأديبهم 0
  • وللضرب آثار وخيمة على المعلم نفسه وعلى أبنائه التلاميذ 00خصوصا الضرب المبرح منه- فالآثار الوخيمة على المعلم يمكن أن نوجز أهمها فيما يأتي :
  1. يعرض المعلم نفسه للمساءلة القانونية فالضرب جريمة يعاقب عليها بالسجن مدة تتراوح بين شهر الى عدة سنوات تبعا لنوع الجريمة والإصابة التي يحدثها المعلم للتلاميذ 0
  2. غالبا ما يندم المعلم على فعله بعد ضرب التلاميذ من حوادث الضرب الأليمة: فغالبا ما نسمع عن أطفال يتوفاهم الموت بالسكتة القلبية قبل ضربهم لمرضهم بالقلب ، كذلك نسمع أن المعلم يخطأ عند ضرب تلميذ فقد يخلع عين تلميذ مجاور عندما تفلت العصا منه 00 وهكذا يشعر المعلم بندم مدى الحياة ويعاقب بالسجن 0
  3. انفعال المعلم أثناء الضرب يسبب له آثارا سلبية صحية وجسمية عديدة حيث تضطرب أجهزته الصحية والمعدية فتحدث زيادة في الحموضة وتسبب له قرحة ، اضطرابات في عصب القولون تسبب له آلاما معوية واختلال في وظائف البنكرياس وتسبب له مرض السكر على المدى الطويل ، زيادة في ضغط الدم فيسبب أمراض القلب وهكذا تختل جميع وظائف
  4. جسمه وعقله00 أما الضرب بالنسبة للتلاميذ فانه عظيم الخطورة والآثار الضار والمتعدد، ومن أهم أضراره 0
الضرب يهدم الشخصية الإنسانية والشخصية القومية للمجتمع فالضرب يسهم في تكوين الشخصية  المنافقة التي اذا تولت مركزا قياديا تتطلب من تابعيها النفاق والكذب والغش ، اذا كانت مرؤ سه فأنها تنافق وتكذب وتغش رؤساءها ، كما وان الضرب يكون في الأطفال الشخصية الإنسانية المتسمة : الخوف والرعب والإرهاب والجبن وكبت الحريات وقتل الجمال والإبداع والتجديد والابتكار ، واللامبالاة وافتقاد القدوة الحسنة ،وعدم الأمن والامان والشعور بالطمأنينة والتوتر العصبي للطفل والتبول اللا إرادي والأحلام المفزعة أثناء النوم وقرض الأظافر 00 وغيرها من الأمراض النفسية والعقلية فضلا عن أن التلميذ يكره معلمه ومادته العلمية ويصدم من المدرسة ومن العملية التعليمية ونشاهد أطفالا كثيرين يقفون امام المدرسة وترتعش أجسادهم ويبكون لدخول سجن المدرسة والذي يكون سجانه المعلم أو إدارة المدرسة00 وبالأحرى فان الضرب يعمل على هدم الثروة البشرية وهدم السلوك الاجتماعي العام وإيجاد ما نسميه بالشخصية الفهلوية !! كما يسبب الأمراض الاجتماعية من سلوك عام مثل السرقة والرشوة ، والغربة ، وعدم الانتماء الافتقاد القدوة الحسنة من المعلم وادارة المدرسة ، ولعل معظم سلوكنا المرضى سواء كنا أفرادا أو سلوكا اجتماعيا عاما إنما يرجع جزء كبير منه الى الضرب في الصغر لأنه يترك بصمات أليمة في اللاشعوري في الصغر تظهر آثارها المرضية في سن الرشد والكبر ، وتسهم في هدم الثروة البشرية المستقبلية للمجتمع لان طفل اليوم هو رجل المستقبل ونحن نربي لجيل غير جيلا وزمن غير زماننا وللأسف يجهل الأباء والمربون من المعلمين الآثار الخطيرة للضرب دون سوء نية أو قصد00
فلماذا نحن كأباء وأولياء أمور ومربين نبدأ بالعقاب قبل الثواب!!ولماذا نلجا للعقاب بالضرب والضرب أسوا أنواع العقاب البدني!! وهل نرسل أبناءنا للمدراس لحسن تربيتهم وتعليمهم أم لهدم شخصياتهم ؟ وهل الدولة تنفق المليارات على التعليم لهدم الثروة البشرية أم لتنمية الانسان مستقبلا؟ وهل العلاقة بين المعلمين المربين وبين التلاميذ هي علاقة عضلية من الأقوى جسميا وبدنيا الى الجانب الضعيف وهو التلميذ والطفل والأمانة الموضوعة من ولى أمره ومن المجتمع والذي يجب أن يؤتمن عليها ولا يبددها ؟ وهل الموقف التعليمي التربوي هو موقف أنساني عقلي يجب ان يسوده الود والمحبة والهدوء والاتزان الانفعالي العصبي من المعلم الى المتعلم أن أنه موقف عدواني إرهابي يسوده الخوف والتوتر العصبي لطرفي النزاع : التلميذ والمعلم ؟ ان الموقف التربوي عندما يسوده الحب والاحترام والتقدير لآدمية الطفل من المعلم سوف يسهم في يسر وسرعة في توجيه التلاميذ وارشادهم وتوجيههم لان الأطفال كثيرا منهم ما يفتقدون ذلك في بيوتهم وبعضهم يذهب للمدرسة محروما من الحنان والعطف والحب وعندما يجده يحب المعلم وادارة المدرسة ويحب المادة الدراسية وكذلك يشعر بثقة في نفسه.
بعض المعلمين يجهلون ان الطفل الكثير الحركة والمشاغب في الفصل يتميز بنوع من الفراغ والذكاء ويحتاج للحب والتقدير وشغل وقت الفراغ ، واذا ما اشبع المعلم شغل وقت فراغه وحبه وأمنه سهل ضبط سلوكه ومن ثم لا يحتاج المعلم الى ضرورة للعقاب أما اذا استمر التلميذ في جنوح سلوكه فيوجه للأخصائي الاجتماعي بالمدرسة ويستدعى ولى أمره لعلاج سلوك ابنه ويعالج نفسيا إذا وجب ذلك وهذا يتطلب صبرا وطول بال وصدق نية في الإصلاح للثروة البشرية0

Comments