ما فوق الذكاء العاطفي حلاوة الإيمان

تلخيص كتاب
ما فوق الذكاء العاطفي حلاوة الإيمان
للدكتور ياسر العيتي
 


وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{56} الروم.

(وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) من الملائكة وغيرهم (لقد لبثتم في كتاب الله) فيما كتبه في سابق علمه (إلى يوم البعث فهذا يوم البعث) الذي أنكرتموه (ولكنكم كنتم لا تعلمون) وقوعه.

الفصل 1
(حلاوة الإيمان)

في منتصف التسعينات ظهر مصطلح الذكاء العاطفي ويعني:
قدرة الإنسان على التعامل الايجابي مع ذاته ومع الآخرين ، حيث يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.

مكونات الذكاء العاطفي:
1. فهم الذات.
2. التعامل الايجابي مع الذات.
3. فهم الآخرين.
4. التعامل الايجابي مع الآخرين.

أولاً:فهم الذات:
1. إدراك المبادئ والقيم والأهداف: ويعني معرفة الصحيح والخطأ والمهم وغير المهم.

2. إدراك مشاعر الذات: وهي قدرتك على ملاحظة مشاعرك وتسميتها ومعرفة أسبابها.

3. استخدام الحواس بشكل صحيح :القدرة على التخمين وثقتك بمشاعرك.

4. التفاؤل :النظرة الايجابية إلى الحياة.

5. المرونة: قدرتك على تغيير وسائلك للوصول لأهدافك.

6. المبادرة وتحمل المسؤولية :قدرتك على صنع الفرص بدلاً من انتظارها.

7. التحكم بالمشاعر: قدرتك على تخفيف المشاعر السلبية وأثارها وتوليد الايجابية.

8. الثقة بالنفس: إيمانك بقدرتك على مواجهة التحديات ، وعيش الحياة التي اخترتها.

9. التصميم: قدرتك على بذل جهد مستمر لتصل لأهدافك.

10.الإبداع: قدرتك على الخروج بأفكار قوية وحلول بديلة وطرق جديدة وفعالة.

11.الانسجام الداخلي: قدرتك على الاستمرار بالتعبير بصدق عن نفسك في جميع جوانب حياتك وعلى جميع المستويات.

12.إدراك مشاعر الآخرين:قدرتك على معرفة ما يشعر به الآخرون من خلال كلماتهم ولغة أجسادهم.

13.التعاطف:قدرتك على تفهم مشاعر الآخرين وإشعارهم بذلك.

14.التعبير عن المشاعر:قدرتك على إظهار مشاعرك للآخرين وجعل ذلك جزءاً أساسياً في تفاعلاتك اليومية مع الناس.

15.التواصل مع الآخرين:قدرتك على إنشاء شبكة من العلاقات مع الآخرين وتجد فيها نفسك بشكل حقيقي وتعبر عن اهتمامك بالآخرين وتشاركهم الآمك وأمالك.

16.الاختلاف في البناء:قدرتك على أن تظل هادئاً ومركزاً وثابتاً عاطفياً في مواقف الخلاف.

17.الثقة بالآخرين:تحدد هذه المهارة إلى أي مدى تثق بالآخرين وأنهم يعاملوك بعدل.

ملاحظة: ألاحظ أثناء دراستي لموضوع الذكاء العاطفي أن الإسلام بتعاليمه وتصوراته ينمي مهارات الذكاء العاطفي عند المسلم.
وفي القرآن الكريم والأحاديث النبوية آيات وأحاديث تنمي كل مكون من مكونات الذكاء العاطفي. (( المؤلف )).

تساؤلات :
1. إذا كان الإسلام ينمي مهارات الذكاء العاطفي عند المسلم فلماذا نلاحظ حولنا الكثير من المسلمين تنقصهم مكونات الذكاء العاطفي.
2. لماذا نمى الإسلام مهارات الذكاء العاطفي عند الرعيل الأول من الصحابة والتابعين ، فانتقلوا من الضياع إلى الهداية ومن الضعف إلى القوة ، ومن التفرق إلى الوحدة ؟ ولماذا لا يؤثر في معظم المسلمين اليوم كما اثر في الصحابة والتابعين؟
3. لماذا اختار الله العرب من بين أمم الأرض في تلك الحقبة الزمنية للنهوض برسالة الإسلام؟

سأجيب عن الأسئلة الثلاثة مبتدئاً بالإجابة عن السؤال الأخير:
اعتقد أن الله اختار العرب للنهوض برسالة الإسلام لأنهم :
من أكثر أمم الأرض في تلك الحقبة الزمنية اقتراباً من الفطرة الإنسانية السليمة ولعل رحابة الصحراء وصفاءها وبساطتها وقسوتها نمت في نفوسهم مهارات إدراك المشاعر والتعبير عنها والانسجام الداخلي والمبادرة وتحمل المسؤولية والثقة بالنفس وهم من أهم مكونات الذكاء العاطفي.
بمعنى:

إسلام + ذكاء عاطفي يؤدي إلى فهم سليم للإسلام ويؤدي ذلك إلى تقدم ووحدة وحضارة وبناء.

وقد قال صلى الله عليه وسلم (( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ، إذا فقهوا)).

لكن هذا الذكاء العاطفي لم يتوفر عند كل الذين دخلوا في الإسلام ، ويمكن أن تعبر عن ذلك:

إسلام + ذكاء عاطفي متخصص يؤدي إلى فهم مشوه للإسلام ويؤدي إلى جمود وتخلف وفرقة وضعف.

* إذا اجتمع الإسلام والذكاء العاطفي في شخص واحد يتحقق الإيمان الذي فرقه الله تعالى عن الإسلام بقوله:
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات14

(قالت الأعراب) نفر من بني أسد (آمنا) صدقنا بقلوبنا (قل) لهم (لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) انقدنا ظاهرا (ولما) لم (يدخل الإيمان في قلوبكم) إلى الآن لكنه يتوقع منكم.

فالإنسان المؤمن (في رأيي) هو إنسان مسلم يتمتع بالذكاء العاطفي .
وان الإسلام قناعة فكرية محلها العقل، أما الإيمان فهو حلاوة قلبية محلها القلب.
والإسلام يخرج صاحبه من دائرة الكفر ، ولكن الإيمان هو الذي يحلق به في آفاق السعادة والطمأنينة والايجابية.
والإسلام أفكار في الذهن لا تتحول إلى أعمال وبذل وتضحيات إلا بالإيمان وقد جاء في الحديث الشريف (( لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن)).

وان المسلم الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع أكثر قدرة على فهم الإسلام وتطبيقه وتحقيق مقاصده من المسلم الذي تعوزه مهارات الذكاء العاطفي ، والإنسان الذي يتمتع بالإسلام والذكاء العاطفي معاً هو المؤمن القادر على جلب اكبر قدر من سعادة الدنيا والآخرة لنفسه ولمن حوله.

* إذن المسلم الذي يتذوق حلاوة الإيمان هو المسلم الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع. وإن الذكاء العاطفي يمنحك شيئاً من سعادة الدنيا ، أما الإيمان فهو يمنحك السعادة كلها في الدنيا والآخرة والذكاء العاطفي يصل بك إلى حالة من الشعور بالسعادة والرضا ، يمكن وصفها بالكلمات ، أما الإيمان فهو يجنح قلبك ، ويطلقه في عالم سحري لا يمكن وصفه بالكلمات ، ولا يعرف روعته إلا من ذاقها ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30} نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ{31} نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ{32})) فصلت.

(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على التوحيد وغيره مما وجب عليهم (تتنزل عليهم الملائكة) عند الموت (ألا) بأن لا (تخافوا) من الموت وما بعده (ولا تحزنوا) على ما خلفتم من أهل وولد فنحن نخلفكم فيه (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا) نحفظكم فيها (وفي الآخرة) أي نكون معكم فيها حتى تدخلوا الجنة (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون) تطلبون (نزلا) رزقا مهيئا منصوب بجعل مقدرا (من غفور رحيم) هو الله.

الذكاء العاطفي يفتح أمامك الآفاق أما الإيمان فهو يجعل الآفاق ذاتها تته فيك كما يقول محمد إقبال:
إنما الكافر حيرانٌ
له الآفاق تيه
وأرى المؤمن كوناً تاهت الآفاق فيه


الفصل 2
(عندما تكون الحياة لله)

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} الأنعام

(قل إن صلاتي ونسكي) عبادتي من حج وغيره (ومحياي) حياتي (ومماتي) موتي (لله رب العالمين).

من أول وأهم مكونات الذكاء العاطفي إدراك الذات بمعنى أن يعرف الإنسان من هو ؟ وما غايته ؟ وما مبادئه وقيمه؟
ومن أهم أسباب النجاح في هذه الحياة أن تكون لدى الإنسان أهداف واضحة يحقق ذاته من خلالها ، ومبادئ ثابتة تقوم حياته على أساسها ، والإسلام حدد غاية واحدة يعيش المسلم من اجلها.

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} الذاريات

(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ولا ينافي ذلك عدم عبادة الكافرين لأن الغاية لا يلزم وجودها كما في قولك بريت هذا القلم لاكتب به فإنك قد لا تكتب به.

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{163}الإنعام

سؤال: كيف يمكن أن يتحول العيش لإرضاء الله تعالى إلى مشروع حضاري يساهم فيه المسلم في بناء الحضارة الإنسانية وفي تحرير الإنسان من أغلال الشهوات والطواغيت؟

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107

(وما أرسلناك) يامحمد (إلا رحمة) أي للرحمة (للعالمين) الإنس والجن بك.

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ٌ }الحديد25

(لقد أرسلنا رسلنا) الملائكة إلى الأنبياء (بالبينات) بالحجج القواطع (وأنزلنا معهم الكتاب) بمعنى الكتب (والميزان) العدل.

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }الإسراء70

(ولقد كرمنا) فضلنا (بني آدم) بالعلم والنطق واعتدال الخلق وغير ذلك ومنه طهارتهم بعد الموت.

فالرحمة عكس القسوة / والقسط (العدل) عكس الظلم / والكرامة عكس الإذلال . ثلاثة مقاصد شرعية أساسية أرسل الله الرسل والأنبياء لتحقيقها في واقع الحياة ، وحركة المسلم في الواقع يجب أن تكون لتحقيق هذه المقاصد الثلاثة.
* يتحرك المسلم لجعل حياة الإنسان أكثر رحمة وعدلاً وكرامة ، وتتحول حركته لفعل حضاري والمسلم الذي ارتضى السجود لله أراح نفسه من مئات السجدات التي يسجدها الآخرون لغير الله . هو يعيش حريته في أسمى معانيها ويعيش إنسانيته في أسمى أشكالها.
أطلقيني من إسارٍ وثيــــــــــــق إنني أهوى حياة الطلــــــــيــق
سـجدتي لله فيك حيــــــــــــاتي ونجاتي من هلاك مـــــــحــــيق
فجري في خافقي ألـــــــفَ نبعٍ فالجفافُ قد سرى في عروقــي
أسطعي في أضلعي ألفَ شمسٍ فالظلامُ جاثمٌ في طـــريـــــــقي
ارفعيني من حضيــــــــضٍ بليدٍ نحــو أفقٍ عاصف بالبــــــروق

* المؤمن يعيش لله في كل حركه من حركاته وفي كل سكنه من سكناته ، ووصف هشام بن عبدالملك ابن عمه الخليفة عمر بن عبدالعزيز فقال ( ما احسب عمر خطا خطوة قط إلا وله فيها نية ).
وبذلك استطاع رضي الله عنه أن يصلح دولة بأكملها في مدة لا تتجاوز العامين.
* عندما تصبح حياة المسلم لله تعالى سيشعر بلذة الحب لخالقه لان الحب = شعور + فعل
فالمسلم لا يشعر بلذة الحب لله إلا بمقدار ما يبذل في سبيل هذا الحب من مجاهدة النفس وإعراض عن الشهوات ، وإقبال على الطاعات ، وعمل دؤوب لنصرة دين الله وإعلاء كلمته قال تعالى :
(( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) العنكبوت 69

(والذين جاهدوا فينا) في حقنا (لنهدينهم سبلنا) طريق السير إلينا.

* عندما يتوهج قلب المؤمن بالحب لله تعالى يهون عليه ما يلقاه في سبيل الله من تعب وآلم ، بل يصبح التعب راحة ، والألم لذة ، بحيث المؤمن تشغله اللذات الروحية العظيمة عن اللذات الحسية الصغيرة.
يقول عبد الله عزام : (( الجوارح أن لم تشغلها بالعظائم : شغلتها بالصغائر.
وان لم تعملها في الخير : عملت في الشر.
علم نفس التحليق : تكره الإسفاف.
عرفها العز : تنفر من الذل.
وأذقها اللذات الروحية العظيمة تحقر اللذات الحسية الصغيرة. (( بتصرف من الطموح)).

أدركتُ معنىً للحياة وأنّها تحلو بقربِ الله في السَّجداتِ
تحلو الحياةُ تسامياً وتعالياً وجهادَ أهواءٍ وطولِ ثبــــاتِ
تحلو الحياةُ تحدياً وبطولةًً وركوبَ أهوالٍ وعيشَ أبـــاةِ
هـــذي لذائذنا وهذا دربُنا أكرم بها في العيش من لذاتِ

* شعلة الحب لله تعالى إذا التهبت أحرقت كل ماسواها ، فلا كبر ، ولا خيلاء ، ولا جبن ، ولا خوف ، ولا حزن ، ولا حسد ، ولا بخل ، ولا عيب من العيوب النفسية (( جلال الدين الرومي)).

*وعندما يجد الله من المؤمن هذا الصدق وهذا الحب يحبه ويجعله من أوليائه (( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه )).

*عندما يحب الله عبده يفتح أمامه أبواب البشرى ويحجب عنه الهم والأحزان.

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64} (يونس 62_64)

(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في الآخرة هم (الذين آمنوا وكانوا يتقون) الله بامتثال أمره ونهيه (لهم البشرى في الحياة الدنيا) فسرت في حديث صححه الحاكم بالرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له (وفي الآخرة) الجنة والثواب (لا تبديل لكلمات الله) لا خلف لمواعيده (ذلك) المذكور (هو الفوز العظيم).


الفصل 3
(النفس المطمئنة)

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} (الفجر)

(يا أيتها النفس المطمئنة) الآمنة وهي المؤمنة (ارجعي إلى ربك) يقال لها ذلك عند الموت أي ارجعي إلى أمره وإرادته (راضية) بالثواب (مرضية) عند الله بعملك أي جامعة بين الوصفين وهما حالان ويقال لها في القيامة (فادخلي في) جملة (عبادي) الصالحين (وادخلي جنتي) معهم.

يعتمد الذكاء العاطفي على العلاقة بين الذكاء والعاطفة ، أو بين التفكير والمشاعر ، فالأفكار السلبية تؤدي إلى المشاعر السلبية ، والأفكار الايجابية تؤدي إلى المشاعر الايجابية.
والمؤمن يستطيع أن يرى العالم من الزاوية التي لا يستطيع أن ينظر منها غير المؤمن.

(( لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ )) الحديد 23

(لكيلا) كي ناصبة للفعل بمعنى أن اخبر تعالى بذلك لئلا (تأسوا) تحزنوا (على ما فاتكم ولا تفرحوا) فرح بطر بل فرح شكر على النعمة (بما آتاكم) بالمد أعطاكم وبالقصر جاءكم منه.

(( يا غلام إني أعلمك كلمات ، أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سالت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن أهل الأرض لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفت الصحف )) مسند احمد.

* وإن المؤمن يعلم أن الذهب يصفى بعرضه على النار ، وكذلك القلب يصفو بعرضه على نار المحن والابتلاءات .. لولا المحن لتساوى الناس أمام الله تعالى ولما تبين القوي من الضعيف والصادق من الكاذب.

أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3} العنكبوت.

(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا) أي بقولهم (آمنا وهم لا يفتنون) يختبرون بما يتبين به حقيقة إيمانهم نزل في جماعة آمنوا فآذاهم المشركون.

وان من المشاعر السلبية التي يحررنا الإسلام منها الشعور بالخوف والجبن ، فالمؤمن يعلم أنه لا يصيبه إلا ماكتب الله له.
والمؤمن يشعر بالخوف كغيره من الناس ، لكنه يختلف عن الآخرين في أن شعوره بالواجب والمسؤولية أمام الله تعالى يتغلب على شعوره بالخوف ، لذلك هو يتقدم حين يتخلف الآخرون ، ويجهر بالحق حين يصمت الآخرون.
وان هؤلاء الشجعان الذين يتقدمون حين يتخلف الناس ويجهرون بالحق حين يصمت الناس هم عرق الحياة النابض في جسد الأمة الذي لولاه لأعلنت وفاتها.
وإن هؤلاء هم الذين يحييون الأمم ويصنعون الانتصارات ، ويغيرون مجرى التاريخ.
ويشعر المؤمن بالراحة والاطمئنان ومبعث هذا الشعور عدل الله المطلق الذي لا يترك ظالماً أو معتدياً.


الفصل 4
(الصديقون)

وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً{69} النساء.

(ومن يطع الله والرسول) فيما أمر به (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين) أفاضل أصحاب الأنبياء لمبالغتهم في الصدق والتصديق (والشهداء) القتلى في سبيل الله (والصالحين) غير من ذكر (وحسن أولئك رفيقا) رفقاء في الجنة بأن يستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم وإن كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرهم.

*إن من أهم مكونات الذكاء العاطفي الانسجام الداخلي ، والإنسان الذي يعيش في حالة صدق وانسجام مع مبادئه وسلوكه .. بين أقواله وأفعاله ... بين سره وعلنه .. يتربع على عرش من الشعور الرائع بالسعادة والانتصار . والصدق والانسجام يفجر طاقات الإنسان الدفينة ويوجه إمكانياته كلها باتجاه الأهداف والمبادئ التي يعيش من اجلها بعكس التناقض الذي يربك الإنسان ويؤثر على توازنه ويهز شخصيته.

والكذب الذي يدمر شخصية الإنسان وشخصية المجتمع وشخصية الأمة بأسرها هو التناقض الصارخ بين المبادئ والسلوك ، بين الأقوال والأفعال ، بين الظاهر والباطن.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ{2} كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ{3} الصف.

(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون) في طلب الجهاد (ما لا تفعلون) إذ انهزمتم باحد (كبر) عظم (مقتا) تمييز (عند الله أن تقولوا) فاعل كبر (ما لا تفعلون).

والأمم التي تكون أكثر صدقاً وانسجاماً مع مبادئها وقيمها ستنتصر على الأمم التي تكون أقل صدقاً وانسجاماً مع مبادئها ] قانون رباني ينطبق على جميع الأمم مسلمها وكافرها [ .

وإن غنى المجتمع يأتي من تنوع الأفكار واختلافها ، وحينما يسود المجتمع الكذب والنفاق يختفي الإبداع المتولد عن الاختلاف والحوار الصادق والصريح ، وهكذا يصبح المجتمع مسطحاً لا عمق فيه ، رمادياً لا ألوان فيه ، جامداً لا حركة فيه ، وبذلك تقل الأفكار والحلول وتكثر المشاكل والأزمات ، وتفوح رائحة الضعف.


*الصدق صعباً ومكلفاً لكنه اقل كلفة بكثير من الكذب المؤدي إلى الدمار والهلاك وهناك خياران لا ثالث لهما :
1.إن يدفع الفرد أو المجتمع ضريبة الصدق عن طيب خاطر عملاً والتزاماً وإخلاصاً وبذلاً وتضحيات ، فيجني السعادة والقوة والاستقرار والانتصار.
2.أن يجبن أو يتكاسل عن دفع تلك الضريبة وعندها سيدفع رغماً عنه أضعافاً مضاعفة من الخسارة والضعف والذل والهزيمة.
سرْ في الأنامِ ولاَ تقِفْ متردداً فالناسُ تتبعُ إن صَدقْتَ خطاكَ
لا تعتزلْ دنيا الأنام ترفــــــعاً بـــل فارفع الدنيــا إلى علياكَ
إن المبادئَ لا تعيشُ بفــــكرةٍ من كاتبٍ فوقَ السُّـــطور يفندُ
لكنها تحيا بعزمةِ صــــــــادقٍ في صدرهِ موجُ العقــيدةِ يزبدُ


الفصل 5
(القادة اللِّينون)

( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران 159

(فبما رحمة من الله لنت) يا محمد (لهم) أي سهلت أخلاقك إذ خالفوك (ولو كنت فظاً) سيِّء الأخلاق (غليظ القلب) جافيا فأغلظت لهم (لانفضوا) تفرقوا.

نتيجة دراسة أمريكية :أكثر المديرين نجاحاً المتعاطف مع موظفيه.
إن التعاطف هو احد مكونات الذكاء العاطفي يعني أن تعامل الآخرين كبشر ، وأن تقدر مشاعرهم وإنسانيتهم . وإن التعاطف يعني العمل بقوله صلى الله عليه وسلم } لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه { رواه البخاري.
كيف سيكون حال المجتمع المسلم لو إن أفراده عملوا بهذا الحديث العظيم؟
التاجر...الزبون...المدير...الموظف...الأستاذ...الطلاب...الأب...الأولاد...الزوج...الزوجة...الشعب...الحكام...

*إن البعض يخلطون بين التعاطف والضعف ، ويظنون أن التعاطف مع الآخرين ، وتقدير مشاعرهم ، واحترام إنسانيتهم ، هو نوع من الضعف الذي يتنافى مع القيادة القوية الحازمة. لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم من أكثر القادة عبر التاريخ نجاحاً وتأثيراً ومع ذلك وصفه تعالى بقوله ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران 159.

معادلة بسيطة في القيادة تقول :
القيادة الحقيقية (10/10) = الاحترام (9/10) + الخوف (1/10)

*البعض يلجأون إلى قيادة الآخرين عن طريق الخوف لأنه أسهل بكثير من صناعة الاحترام فمثلاً:الأب يستطيع إن يصنع الخوف في قلب ابنه بصفعة واحدة لا تستغرق أكثر من ثانية! ولكن إذا أراد أن يبني الاحترام في قلبه يحتاج إلى وقت وجهد وتواصل وتبادل مشاعر إنسانية.
وصحيح أن القيادة عن طريق صناعة الخوف يمكن أن تعطي نتائج سريعة لكنها مؤقتة. فما أن يكبر الابن الذي يقوده والده بالصفع ويصبح في حجم والده حتى يخرج عن طاعته ويصبح هو من يصفع والده.
*إن الإسلام لا يقود الناس بالقوة والإكراه ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) البقرة 256.

(لا إكراه في الدين) على الدخول فيه (قد تبين الرشد من الغي) أي ظهر بالآيات البينات أن الإيمان رشد والكفر غي نزلت فيمن كان له من الأنصار أولاد أراد أن يكرههم على الإسلام.

ولا يجبر الآخرين على الدخول فيه بل يعتمد الحوار والإقناع ويحترم عقل الإنسان وإرادته ( َفمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) الكهف 29
(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) تهديد لهم.

إن المؤمن يتعاطف مع الآخرين ، ويحب لهم مايحب لنفسه ، ويشعر أن الإنسان الموجود في داخله هو ذاته الإنسان الموجود في داخل الآخرين ، ذلك الإنسان الذي كرمه تعالى بقوله ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) الإسراء 70

(ولقد كرمنا) فضلنا (بني آدم) بالعلم والنطق واعتدال الخلق وغير ذلك ومنه طهارتهم بعد الموت.



الفصل 6
(ولا تفرقوا)

( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا ) آل عمران 103

(واعتصموا) تمسكوا (بحبل الله) أي دينه (جميعا ولا تفرقوا) بعد الإسلام.

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات 13

(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) آدم وحواء (وجعلناكم شعوبا) جمع شعب بفتح الشين هو أعلى طبقات النسب (وقبائل) هي دون الشعوب وبعدها العمائر ثم البطون ثم الأفخاذ ثم الفصائل آخرها مثاله خزيمة شعب كنانة قبيلة قريش عِمارة بكسر العين قصي بطن هاشم فخذ العباس فصيلة (لتعارفوا) حذف منه إحدى التاءين ليعرف بعضهم بعضا لا تتفاخروا بعلو النسب وإنما الفخر بالتقوى.

*والعالم الذي يبشر به الإسلام هو ذاته العالم الذي تحلم به ، وتسعى اليه شعوب الأرض اليوم ، عالم يسوده التعارف والتعاون والمحبة والسلام ، عالم بعيد عن البغض والكره والظلم والتعصب والاستغلال والحروب والخلاف والشقاق.

*الاختلاف البناء أحد مكونات الذكاء العاطفي والإسلام يحضنا على الاختلاف البناء ويأمرنا بالبحث عن المشترك مع الآخر والحوار البناء في الأمور المختلف فيها (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) آل عمران 103

(قل يا أهل الكتاب) اليهود والنصارى (تعالَوا إلى كلمةٍ سواءٍ) مصدر بمعنى مستو أمرها (بيننا وبينكم) هي أ ن (لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله)

(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل 125

(ادع) الناس يا محمد (إلى سبيل ربك) دينه (بالحكمة) بالقرآن (والموعظة الحسنة) مواعظه أو القول الرقيق (وجادلهم بالتي) أي المجادلة التي (هي أحسن) الدعاء إلى الله بآياته والدعاء إلى حججه.


{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }فصلت34

(ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) في جزئياتهما لأن بعضهما فوق بعض (ادفع) السيئة (بالتي) بالخصلة التي (هي أحسن) كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والاساءة بالعفو (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) فيصير عدوك كالصديق القريب في محبته إذا فعلت ذلك فالذي مبتدأ وكأنه الخبر وإذا ظرف لمعنى التشبيه.

والمسلم متميز بإسلامه ومنفتح على الجميع يشدهم بتوهج إيمانه ونور يقينه. وإذا كان الإسلام يحضنا على الحوار والتفاهم والتعاون والاحترام والدفع بالتي هي أحسن مع غير المسلمين ، فمن البديهي إن يحضنا بل يأمرنا بفعل ذلك بالتي هي أحسن فيما بيننا.
والحالة التي آل ليها العالم اليوم وصفها الله في كتابه {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ }الأنفال73

(والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) في النصرة والإرث فلا إرث بينكم وبينهم (إلا تفعلوه) أي تولي المسلمين وقمع الكفار (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) بقوة الكفر وضعف الإسلام.

وعندما يتعلم المسلمون كيف ينصت بعضهم إلى بعض إذا اختلفوا ، وكيف يتجنبوا الحكم على النيات ، وكيف يتعاملون بموضوعية مع الأمور التي يختلفون فيها ، وعندما يتعلم المسلمون الفرق بين الدين وفهم الدين فلا يسمي كل منهم فهمه للدين ديناً ، فيصبح كل من خالف هذا الفهم خارجاً عن الدين أو كافراً.
وعندما يتعلم المسلمون كل ذلك سيعرفون كيف يحولون اختلافاتهم إلى مصدر للغنى والتكامل والتنوع.


الفصل 7
(قل هو من عند أنفسكم)

{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165

(أو لما أصابتكم مصيبة) بأحد بقتل سبعين منكم (قد أصبتم مثليها) ببدر بقتل سبعين وأسر سبعين منهم (قلتم) متعجبين (أنى) من أين لنا (هذا) الخذلان ونحن مسلمون ورسول الله فينا ، الجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري (قل) لهم (هو من عند أنفسكم) لأنكم تركتم المركز فخذلتم (إن الله على كل شيء قدير) ومنه النصر ومنعه وقد جازاكم بخلافكم.

المطلوب من المسلم إن يكون الأول الذي يمشي فيمشي الآخرون خلفه. بدلاً من إن ينتظر من الآخرين إن يحركوه أو يقودوه.

*من صفات المؤمن الذي فهم الإسلام فهماً صحيحاً كما فهمه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم :

1.المبادرة. 2.الايجابية. 3.الإقدام. 4.تحمل المسؤولية.

ونلاحظ ذلك في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (( يوشك الأمم إن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : وما الوهن ؟ قال :حب الدنيا وكراهية الموت )) رواه أبي داوود.

*وإن خطر الأمراض النفسية والفكرية التي تسللت إلى قلوب المسلمين وعقولهم مرض اللوم وإلقاء المسؤولية على الآخرين.
والإنسان الذي يتحمل المسؤولية عن الظروف الصعبة التي يمر بها يصبح قادراً على تجاوز الظروف لأنه سيفكر ماذا يجب علي أن افعل لأغير هذه الظروف.
وتحمل المسؤولية يكسب الإنسان ميزتين هامتين:
1.تكون قدراته وإمكاناته في حال نمو وتطور مستمر لأنه يبحث في طرق عديدة حتى ينجح.
2.يحرره من الأغلال ويعطيه الحرية لأنه تكون لديه فرصة للمساهمة في التغيير.

ويمكن أن نعبر عن ذلك بالمعادلة التالية:

المزيد من الشعور بالمسؤولية المزيد من الفرص والخيارات المزيد من الحرية.

والإسلام يعلمنا إن نتحمل مسؤولية المصائب التي تنزل بنا ، وان نبحث عن الخلل الموجود في نفوسنا والذي أدى إلى هذه المصائب (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ) النساء 79
(ما أصابك) أيها الإنسان (من حسنة) خير (فمن الله) أتتك فضلاً منه (وما أصابك من سيئة) بلية (فمن نفسك) أتتك حيث ارتكبت ما يستوجبها من الذنوب.

(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) الرعد 11
(إن الله لا يغير ما بقوم) لا يسلبهم نعمته (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من الحالة الجميلة بالمعصية.

*وإن المؤمن لا يعرف القعود واللوم وانتظار الحلول ، بل يتحرك لإيجاد الحلول وصنع الفرص ، وهو الذي يوجه الحياة ويقودها.

*يقول محمد إقبال : (( على المؤمن أن يربي في نفسه الروح وينشئ في هيكله الحياة ثم يحرق هذا العالم الفاسد بحرارة إيمانه ووهج حياته وينشئ عالماً جديداً )).

*إن الإيمان لا يمكن إن يجتمع في قلب رجل واحد مع السلبية والاستسلام والبلادة والقعود.

Comments