صانعا “ياهوو” نجحا في تحويل لعبة إلى عملاق إلكتروني

صانعا “ياهوو” نجحا في تحويل لعبة إلى عملاق إلكتروني


بدأ الأمر بلعبة لقتل الملل الذي يعانيه اثنان من طلبة الدراسات العليا في جامعة ستانفورد، وتحول إلى امبراطورية أعمال ضخمة حققت لهما ثروة شخصية صافية تصل اليوم إلى 5،1 مليار دولار، ويقول جيري يانج ودايفيد فيلو إن الفضل في كل ما تمكنا من احرازه اليوم يرجع إلى الصدفة البحتة، ففي أحد الأيام أصابهما الملل خلال عملهما على التحضير للدكتوراه فعمدا إلى قتل الملل والهروب من المهام المتراكمة باللعب على شبكة الانترنت التي كانت حديثة الانتشار وقتها وذلك من خلال اعداد لائحة بالمواقع المفضلة لكل منهما، وتحولت هذه القائمة الصغيرة إلى موقع الأكثر شهرة على شبكة الانترنت، موقع “ياهوو”، محرك البحث الذي يعد اليوم بين الأكثر شعبية على مستوى العالم، ويصل عدد زوار الموقع اليوم إلى أكثر من 130مليون زائر في الشهر، ويدر عائدات تقدر بحوالي 6،7 مليار دولار .

ولد جيري يانج يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1968 في تايبيه بتايوان، وتوفي والده عندما بلغ الثانية من عمره لينتقل بعد ذلك مع والدته وشقيقه إلى كاليفورنيا حيث عملت والدته مدرسة للغة الانجليزية والتحق يانج بمدرسة سيرامونت الإعدادية ثم بيدمونت هيلز الثانوية، ومن ثم حصل على إجازة جامعية ودرجة الماجستير في هندسة الالكترونيات من جامعة ستانفورد .

أما دايفيد فيلو فولد عام 1966 في ويسكنسون ثم انتقل مع عائلته إلى لويزيانا عندما بلغ السادسة من عمره، وهناك تلقى علومه ليلتحق بعد ذلك بجامعة تولان حيث حصل على إجازة جامعية في هندسة الحاسوب، ومن ثم انتقال إلى جامعة ستانفورد ليحصل على درجة الماجستير في هندسة الإلكترونيات .
وقرر كل من فيلو ويانج استكمال الدراسة العليا والحصول على درجة الدكتوراة من جامعة ستانفورد حيث تقابلا لتوطد بسرعة بينهما روابط الصداقة القوية، ولعل السر في السرعة التي توطدت بها صداقتهما يرجع بالدرجة الأولى لوجود شيء مشترك بينهما، وتمثل في مشاعر السأم والضجر من كثرة المهام الملزمة للتحضير لرسالة الدكتوراة، فوجد كل منهما في الآخر ضالته المنشودة وشرعا سوياً يبحثان عن كل وسيلة ممكنة للهروب من حالة الضجر التي يعانياها .

وكانت شبكة الانترنت هي خير مهرب بالنسبة لهما، وأثبتت لاحقاً انها كانت خير مسار سلكاه إذ قادهما إلى قمة النجاح، ففي عام 1994 وعندما كان فيلو ويانج يتصفحان شبكة الانترنت قررا تنظيم جميع المواقع المفضلة لهما في لائحة واحدة . ويقول فيلو عن تلك الفترة: “كانت شبكة الانترنت لا تزال في بداية انتشارها، ووقتها كنا نتصفح الشبكة بحثاً عن مواقع تثير اهتمامنا، لكننا كنا نعاني عند محاولة البحث عن صفحة أثارت انتباهنا في يوم سابق، وكان البحث عنها يستغرق منا ساعات عدة” .

ولذلك قرر الاثنان تنظيم لائحة تضم أفضل المواقع المفضلة لديهما وأطلقا عليها اسم “دليل جيري في عالم الانترنت” ويقول يانج: “بين ليلة وضحاها وجدنا ان مختلف الناس من شتى أنحاء العالم يقومون باستخدام هذه اللائحة” .
وبحسب يانج فإن الأمر تم بشكل تدريجي مع تزايد الوقت الذي يقضيه هو وفيلو على شبكة الانترنت وحققت لائحتهما شعبية واسعة النطاق لتتحول بذلك إلى عبء، ففي الشهر الأول وحده تضاعف حجم الدخول إلى الموقع الذي كانت تستضيفه شبكة الجامعة، وواصل الرقم التضاعف شهرا تلو الآخر حتى شعرت إدارة الجامعة بالاستياء وطلبت منهما ايجاد حل للمشكلة مع تنامي الضغط على شبكة الجامعة، ووقتها بدأ الزميلان يفكر أن بجدية في تحويل موقعهما إلى عمل بدوام كامل إن جاز التعبير . واتصل يانج بصديق له، طالب في جامعة هارفرد والذي كان عليه إعداد خطة عمل لشركة ناشئة ضمن انشطته الدراسية ووافق على أن يكون الموقع هو المشروع المطروح لخطته، وساعدت خطة العمل هذه الزميلين على وضع إطار شامل ورؤية واضحة لمشروعهما الوليد، ومكنتهما من التحضير للخطوة التالية .

وفي ذلك الوقت قرر أحد أوائل مستخدمي لائحة يانج وفيلو طرح فكرة المشروع على ميخائيل موربيتنر المدير لدى “سيكوياكابيتال” والتي كانت ترعى وقتها العديد من المشاريع الرائدة في وادي السيليكون بالولايات المتحدة ومن ضمنها شركات “أبل” و”أوراكل” و”سيسكو سيستمز” وبالفعل أعجب موريتز بالفكرة ووافق على تقديم مليون دولار نقداً لتمويل المشروع، إضافة إلى ذلك عرف يانج وفيلو على عدد من كبار الخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات، وذلك كله مقابل الأقلية .

وقرر الاثنان ايقاف الدراسة في جامعة ستانفورد بعد رؤية هذا العرض السخي، وتفرغا تماماً لمشروعهما الجديد والواعد .
واختار الزميلان للشركة الجديد اسم “ياهو!” بعد تفكير لينطلق بذلك عمل الشركة عام 1995 ومنذ انطلاقتها الأولى حقق موقع ياهوو شعبية واسعة ساعدته على التوسع بحيازة شركات أخرى والدخول في خدمات جديدة .

وفي عام 1996 أدرجت ياهو! كشركة عامة لتحصِّل مبلغاً يصل إلى 33،8 مليون دولار مقابل بيع 2،6 مليون سهم، وواصلت الشركة التوسع بشراء محركات بحث أخرى مثل “اينكتومي” و”ألتافيستا” .
وبحلول عام 2004 تمكنت الشركة من الاستغناء عن خدمات جوجل للبحث لتوظف تقنياتها هي الخاصة، ومن ثم عمدت إلى زيادة سعة التخزين لديها وأطلقت حسابات البريد الالكتروني وخدمات مشاركة الصور والمحادثة .

وكانت ياهوو واحدة من شركات الانترنت الضخمة التي تمكنت من تجاوز تبعات فقاعة الدوت كوم بنجاح، ومازال رئيسا الشركة يانج وفيلو إلى اليوم يواصلان إدارة دفة الأمور بالشركة إلى شواطئ نجاح جديدة في ظل التنافس المتنامي في القطاع .
Previous Post Next Post