“الإطراء” حق للموظف الناجح ودافع لتقدم فريق العمل

“الإطراء” حق للموظف الناجح ودافع لتقدم فريق العمل

عرضت بيني، الموظفة في إحدى الشركات الأمريكية، خطة الترويج النهائية لعام 2008 خلال أحد الاجتماعات الدورية للقسم الذي تعمل فيه وشعر زملاء بيني والعاملون معها في المكتب بالحماسة لهذه الخطة المتميزة بالفعل .

وبعد أن علق الحضور جميعاً على مهارة بيني وخطتها الفعالة، بدأ توم نائب رئيس قسم التسويق بالشركة والرئيس المباشر لبيني الحديث، إلا أنه سرعان ما تراجع وأنهى كلامه حيث قال: “أود أن أقول . . .” ثم صمت فجأة ولم يكمل جملته، وانتقل الجميع لقضايا أخرى خاصة بالعمل .

وبعد الاجتماع سأل أحدهم تيم “ما الذي كنت تنوي قوله؟” فأجابه: “أردت أن أمدح أداء بيني وأطري خطتها الجديرة فعلاً بالتقدير، إلا أنني تذكرت أنني سبق وأن وجهت لها عبارات الاطراء والمديح مرتين هذا الأسبوع، ولم أرغب في مديحها لمرة ثالثة في أسبوع واحد، فهذا يتجاوز الحد المقبول” .

يمكن القول إن هناك بشكل عام نوعاً من الخوف، اللاموضوعي واللاعقلاني أيضاً، بين بعض المديرين، خوفاً من المبالغة في امتداح أداء موظفيهم، فبحسب مجلة “بزنس ويك” يؤمن هؤلاء المديرون بأن كلمات مديح من نوع “أحسنت” أو “يا لك من موظف ماهر” من الممكن أن تفسد الموظف الجيد .

وربما يتأثر هؤلاء المديرون بما يرونه من أحوال اللاعبين الرياضيين الكبار، والذين ما أن يلمع نجمهم وينجحون في إبرام عقود لعب طويلة الأمد بأجور ضخمة مع الفرق الكبرى، حتى يبدأوا في التراخي والتكاسل ليكتفي الواحد منهم بمستويات أداء متواضعة في الملعب . إلا أن الفرق هنا جد كبير، والتباين كبير بين حالة الرياضي اللامع وبين الموظف الجيد الذي يتقاضى أجراً شهرياً مقابل عمله . فالبطل الرياضي يبرم عقداً يلزم الفريق بتقديم راتب محدد له لعدد من السنوات . أما الموظف فعليه مواصلة الالتزام بعمله ومحاولة إرضاء مديري شركته . فكيف يمكن لكلمات المديح أن تفسده، أو أن تؤثر في عمله؟
بطبيعة الحال من غير المناسب أيضاً إغداق المديح على أحد الموظفين دون غيره، وتجاهل بقية العاملين في المكتب . كما لا يفضل كذلك اطراء موظف في الشركة عبر مقارنته ببقية أعضاء الفريق . ومن غير المقبول أيضاً رفع موظف ما على حساب آخر . لكن ما من خطأ هناك في تقديم الشكر للموظف المجد في عمله والاعتراف بما يحقق من نتائج ايجابية تعود على فريق عمله وعلى الشركة ككل .

وتقول المجلة إن هناك مخاوف عامة لدى بعض المديرين في ما يخص امتداح أداء موظفيهم، وسنستعرض في الأسطر التالية هذه المخاوف في ذات الوقت الذي سنقدم فيه دلائل تؤكد أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة:

(1) تقديم المديح ضمن قالب من النقد البناء:

من المؤكد أن هناك حاجة ملموسة للنقد البناء عندما يخطئ الموظف أو يقصر في عمله، لكن عندما يكون الموظف هو الأكثر اجتهاداً والأفضل أداء بين بقية أعضاء الفريق، فلا معنى هنا ولا مبرر يسوغ الانقاد . إن المديح يمثل عامل حفز للموظف المجتهد، كما أنه يشجع بقية أعضاء الفريق على أن يحذو حذوه أيضاً .

(2) الافراط في الإطراء مقدمة للتراخي والكسل:

من المستبعد جداً أن يبدأ الموظف في التراخي عندما يقوم مديره بمديح عمله واطراء إنجازاته، بل على العكس تماماً، سيمثل هذا المديح الدعم الذي يحتاج إليه لمواصلة التقدم في عمله . ولا يجب أن ننسى هنا أن أداء الموظف وتقدمه في عمله مربوط بزيادة الراتب وبالعلاوات والحوافز المالية التي من شأنها أن تشجعه على التقدم .

(3) المديح يستتبع زيادة الراتب:

ربما يكون هذا الأمر صحيحاً فالموظف المجتهد بلا شك سيتوقع أن يحصل على مكافأة تضاهي تعبه، فهناك فارق كبير بينه وبين بقية الموظفين الميالين للتراخي في عملهم والركون إلى الراحة . لكن إن تجاوزت الزيادة المتوقعة امكانات الشركة، فما من ضير هناك في توضيح الأمر له بالشكل المناسب من خلال طرح ميزانية الشركة وإبداء الارتفاع الواضح في التكاليف . لكن هذا لا يجب أن يمنع المدير أبداً من اطراء عمل الموظف الذي يستحق اجتهاده بالفعل المديح .

من جهة أخرى يجمع الخبراء على أن الافراط في المديح بشكل كبير من الممكن أن يكون له انعكاساته السلبية، فكثرة المديح وتقديم الاطراء لمن لا يستحق تفقد المديح والثناء المعنى المرجو من ورائهما . وتضيع أثرهما المحفز للأداء .

إن عملك كمدير يجعلك تميل للتركيز على أوجه القصور والضعف لدى موظفيك ومحاولة اصلاحها، لكن هذا الأسلوب ليس بالعملي على الصعيد الإداري فالناس بحجة لسماع عبارات المديح والاطراء خاصة لدى إبداعهم في عملهم ونجاحهم في تحقيق إنجازات حقيقية لها قيمتها . حاول أن تتبع هذه السياسة، أن تقدم المديح لمن يستحق وسوف ترى النتائج بأسرع مما تتوقع .

Previous Post Next Post