كيف يمكن للمدير الناجح أن يهتم بالبنية التحتية لمشاعر الموظفين؟

كيف يمكن للمدير الناجح أن يهتم بالبنية التحتية لمشاعر الموظفين؟


تتشارك الشركات العالمية الأكثر نجاحاً في عنصر واحد بالغ الأهمية، فكل منها يمسك بقياد الدفة فيها رئيس محنك ربان ماهر يعرف كيف يخلق لدى طاقم العمل روح الإخلاص ويحرك لديهم الرغبة في المشاركة ويولد لديهم مشاعر الشغف والحماس، بكلمات أخرى فإن الشركات الناجحة ترتكز على قيادة ملهمة قادرة على جعل موظفيها يوظفون أقصى جهدهم وطاقتهم لإنجاز العمل على أفضل وجه .

وتناول فيجاي جوفيداراجان أستاذ الإدارة في جامعة دارتموث أسرار نجاح هؤلاء القياديين المحنكين ومنهاج عملهم المتميز الذي ساعدهم على ارتقاء سلم النجاح حتى قمته في دراسته الحديثة التي حملت عنوان: لماذا نهتم بالبنية التحتية للمشاعر؟ وكيف يمكن للمديرين تأسيسها؟

ويشغل جونيداراجان كذلك منصب استشاري شؤون الإبداع لدى شركة جنرال إلكتريك الأمريكية ويرى فيجاي أن طريقة القيادة ونهج الإدارة هو الذي يحفز لدى الموظفين مشاعر الشغف والحماسة التي تجعلهم يقبلون بتقديم التضحيات الشخصية لمصلحة الشركة .

ويقول إن فكرة البنية التحتية العاطفية تأتي أساساً من مفهوم العائلة وهي المؤسسة التي أثبتت نجاحاً وقدرة على البقاء على مر العصور .

وبحسب فيجاي فإن هناك ثمانية عوامل يتمكن الرئيس التنفيذي من خلالها من دعم وتعزيز هذه البنية التحتية، فبداية عليه أن يقيس المسافة التي تفصله عن موظفي شركته، فبمجرد أن تحقق الشركة مستويات نمو كبيرة وتتحول إلى واحدة من كبريات الشركات العالمية يعقد رئيسها وكبراء مديريها القدرة على التواصل مع بقية الموظفين، بيد أن الرئيس المحنك يمكنه أن يحقق التواصل المطلوب من خلال عقد الاجتماعات الدورية، أو عندما يشعر أن فريق عمل الشركة بحاجة للاجتماع معه .

ولعل خير مثال لتوضيح المقصود هنا هو النهج الذي اتبعته ميج وايتمان الرئيسة التنفيذية لشركة إي باي لدى انقطاع التيار الكهربائي في كاليفورنيا حيث يقع مقر الشركة الرئيسي، فلمدة 13 يوماً متواصلة أقامت ميج في مكتبها حيث قضت المدة بطولها ولم تعد إلى منزلها إلا بعد أن استقرت الأوضاع بشكل تام، فهي بهذه الخطوة لم تحل المشكلة أو تقوم بإصلاح خطوط الكهرباء إلا أنها من دون شك خلقت مشاعر حماسة وعززت الإحساس بالولاء لدى موظفي الشركة، وشكلت لهم المثال الجيد على مفهوم الإخلاص بالعمل .

ومن العوامل التي يرى فيجاي انها ستسهم كذلك في تعزيز العلاقات بين الرئيس وموظفيه اتباع طقوس ثابتة ومثال على ذلك ما تقوم به شركة صناعة الجرارات “ديري اندكو” ففي اليوم الذي تبدأ فيه الشركة تجميع أحد الجرارات الجديدة تقوم بدعوة المزارع الذي قدم أول طلبية للمصنع ومعه عائلته أيضاً . ويقوم باستقبالهم موظف متقاعد من الشركة يصحبهم في جولة بالمصنع ويطلعهم على تفاصيل العمل الخاصة بالجرار الذي قاموا بطلبه، وبمجرد الانتهاء من تجميع الجرار يقوم مسؤولو الشركة بتقديم مفتاح من ذهب للمزارع ليستخدمه في تشغيل الجرار، وهذا بالطبع يمثل لحظة مفعمة بمشاعر الفخر لتجميع العاملين في الشركة .

ومن بين هذه العوامل كذلك خلق الفرص من خلال المآسي والأزمات وتبرز هنا شركة الطيران “ساوث ويست ايرلاينز” فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 عانت شركة الطيران الأمريكية خسارة فادحة وتم التخلي عن خدمات أكثر من 120 ألف موظف، أما شركة “ساوث ويست” فلم تفصل أي موظف على الرغم من أنها بدورها تكبدت الخسائر، لكن أعضاء فريق التنفيذيين في الشركة قرروا التنازل عن رواتبهم حتى تعاود الشركة تحقيق الأرباح من جديد، وواصلت الشركة تقديم مساهماتها الخاصة بمعاشات الموظفين التقاعدية، وحققت هذه التضحيات نجاحاً، إذ كان لها مفعول السحر حيث عادت الشركة الربحية مجدداً وخلقت هذه المبادرات في الوقت نفسه ارتباطاً وثيقاً بين الإدارة والموظفين .

ويقول فيجاي ان الشركات التي يصعب الانضمام إلى صفوف العاملين فيها هي الشركات التي يشعر فيها الموظفون بقدر أكبر من الانتماء، فما يأتي بسهولة يسهل التفريط فيه، فعندما رغبت شركة “فوكور” الأمريكية في تعيين 8 موظفين لأحد مصانعها نشرت إعلاناً في الصحف المحلية يفيد بأنها ستتلقى طلبات العمل الساعة الثانية والنصف من صباح يوم السبت، وعندما وصل فريق الإدارة لإجراء المقابلات وجدوا حوالي 1200 شخص ينتظرون خارج أبواب المصنع، ولم يتسن لهم حتى الدخول إلى المبنى مما اضطرهم لطلب الشرطة لمساعدتهم، ووقتها قال لهم الضابط المناوب إنه لا يستطيع القيام بشيء لأن 3 من زملائه موجودون فعلاً هناك للتقدم للوظائف الشاغرة .

ومن المهم للإدارة الناجحة كذلك أن توثق قنوات تواصل مفتوحة مع الموظفين، قنوات متوافرة طوال الوقت، خاصة خلال فترات الأزمات، ويتحقق ذلك من خلال اطلاع الموظفين على تفاصيل العمل الدقيقة فكلما شعر الموظف بأن الشركة تأتمنه على أدق أسرارها كلها توطد لديه الشعور بالانتماء لها .


1- المسافات

يجب على رئيس الشركة التنفيذي أن يسأل نفسه ان كانت المسافة التي تفصله بين الموظفين في مختلف إدارات الشركة وأقسامها بعيدة، والمقصود هنا بالمسافات مدى قدرة الموظف على التواصل مع رئيس الشركة في كافة الأوقات، ان القيادي الناجح هو الذي يمكنك أن تجده في أي قسم بالشركة يزوره دون تحضير مسبق، وهو الذي يعقد اجتماعات دورية مع موظفيه، اجتماعات لا تتضمن جدول أعمال، بل تدور حول مطالب الموظفين واحتياجاتهم وتهدف إلى تحقيق التواصل على مختلف المستويات .

2- الطقوس

تسهم الطقوس الخاصة بأية شركة في خلق هوية خاصة ومتفردة للشركة وتعطي الموظفين إحساساً بأنهم جزء من شيء متميز وراقٍ، مما يعزز لديهم مشاعر الفخر والثقة ويزيدهم شغفاً بالعمل وحماسة في تأدية مهامه .
ويدرك الرئيس والقيادي المحنك أهمية خلق هذا النوع من التواصل ونسج قصص تروى عن تاريخ الشركة في دفع عجلة النمو بصورة أكبر وأعمق .

3- التواصل

على الرؤساء والقادة يقع عبء تشجيع الحوار بين الإدارة والموظفين، وليس فقط من خلال اجتماع يعقده المديرون لاطلاع موظفيهم على المستجدات، وإنما من خلال التواصل معهم والاطلاع على أفكارهم ووجهات نظرهم في ما يخص عمل الشركة .
إن أي مدير يمكنه اللجوء إلى التقنية الحديثة بوسائلها المختلفة لاطلاع الموظفين على المستجدات، لكن الأمر يتطلب مديراً محنكاً يستطيع فهم جدوى التواصل المباشر مع الموظفين وكيف ينعكس إيجاباً على روحهم المعنوية .

4- تجاوز الأزمات

من دون شك تعزز الأوقات العصيبة والأزمات الترابط بين الناس ولذا فلا بد أن تنتهز الشركات الناجحة مثل هذه الأوقات لتخلق منها فرصاً أفضل للتواصل، فرص ليتعلم المرء من الدروس المستفادة من هذه الأزمة .
إن كل أزمة تخلف الخسائر وتفرض التحديات، وبالتالي فمن المهم أن يتعامل المديرون بذكاء مع مثل هذه الأوقات، بحيث تتحول الأزمة إلى فرصة إيجابية تسهم في تحسين الأداء .

5- شبكات اجتماعية

من المهم أن تقوم الشركات بإنشاء شبكات اجتماعية تضم موظفي أقسامها المختلفة وتوطد العلاقات بين الموظفين وبين الإدارات المختلفة في الشركة .
ويجب أن تنطوي هذه الشبكات الاجتماعية على مفاهيم جيدة مثل الارشاد والتدريب غير المباشر وتبادل الخبرات .

6- رؤية

تتمكن الشركة من تحقيق النجاح والتميز في حال استطاعت من الأساس أن تخلق رؤية تتميز بالجرأة والطموح وان تقوم بالسعي لتنفيذها على أكمل وجه ممكن .
وعلى المديرين المساعدة على خلق الاهتمام بهذه الرؤية لدى الموظفين من خلال متابعتها ومناقشتها معهم فهذا من شأنه أن يضيف الكثير إلى هذه الرؤية بما يتناسب مع التطورات والمستجدات مع مرور الوقت .

7- قيم

إن قيم الشركة وما تقوم عليه من مبادئ تعد أهم الأصول التي يجب على أي شركة ان تحرص عليها وتتمسك بها، فانطلاقاً من هذه القيم والمبادئ تتحدد قيمة الشركة وعليها يقوم مستقبل العمل فيها ويتحدد مدى نجاحها .
ومن البداية على الشركة اختيار الأشخاص الذين يقدرون معنى هذه القيم ويدركون مدى أهميتها ليتجانس بذلك مزيج موظفيها وتتوطد العلاقات بينهم .

8- صعوبة المنال

ما يأتي بسهولة يسهل التفريط فيه، وهكذا ففي حال كان الانضمام للعمل في أي شركة سهلاً للغاية سيكون من اليسير على الموظف كذلك التخلي عن عمله فيها في أي وقت وبمجرد أن تسنح أمامه فرصة أفضل .
لذا يتعين على الشركة الراغبة في تأكيد نجاحها ان تكون شديدة الحرص على تعيين موظفين جدد، بحيث تفرض معايير توظيف عالية تؤمن لها اختيار الأفضل، وتحقق لها ما تروم من استقرار .
Previous Post Next Post