أنهيتِ إجازة الأمومة؟ . . اتبعي التعليمات لعودة يسيرة إلى العمل

أنهيتِ إجازة الأمومة؟ . . اتبعي التعليمات لعودة يسيرة إلى العمل


تواجه المرأة العاملة الكثير من الأعباء التي تثقل كاهلها، خصوصاً خلال فترات الحمل وفي الأشهر الأولى لعودتها إلى العمل بعد اجازة الولادة عندما يتعين عليها الموازنة بين احتياجات طفلها الوليد وبين متطلبات العمل وضغوطاته، ولعل الأصعب من ذلك كله هو اضطرارها لترك وليدها بعد أسابيع من ولادته للعودة إلى العمل .

إن المرأة العاملة، بشكل عام، تعاني الكثير من مشاعر الذنب تجاه أسرتها، فهي دوماً تشعر بوجود نوع ما من التقصير سواء تجاه الأبناء أو الزوج، فخلال محاولاتها المستمرة لموازنة متطلبات جانبي حياتها الأسري والمهني لا بد وأن تفضّل في كل مرة شيئاً على آخر، ليلازمها بذلك الشعور المرهق بالذنب وبالتقصير .

وتقول كارول ايفانز الرئيسة التنفيذية لمجلة “ووركنج ماذر ميديا” ومؤلفة كتاب: “هكذا حققنا النجاح: دليل عملي للأم العاملة”، إن تحقيق النجاح في التأقلم خلال الأسابيع الأولى من عودة الأم العاملة مجدداً إلى عملها بعد اجازة الأمومة هو الأهم، فهذه المرحلة جد حساسة وعلى ضوئها تتحدد قدرة الأم على الاستمرار من عدمه، وتؤكد ايفانز ان هذه الأسابيع اما أن تضع الأم العاملة على طريق النجاح الصحيح في جانبي حياتها المهني والأسري، أو أن تؤدي إلى تفاقم مشكلة معقدة بالفعل .

والأمر الجيد بحسب ايفانز ان هناك الكثير من الخطوات الصغيرة والكبيرة التي يوصي بها الخبراء لمساعدة الأم العاملة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة والحساسة من حياتها، بل وعلى تحويلها الى فترة ممتعة أيضاً . وتتفق النساء العاملات على وجود أمرين أسهما فعلاً في تيسير الأيام الأولى من عودتهن إلى العمل يتمثل الأمر الأول في اختيار الوقت المناسب للعودة، حيث يؤكد الخبراء أن وسط الأسبوع هو الوقت الأنسب لعودة الأم العاملة إلى وظيفتها من جديد فهي بذلك لن تضطر للغياب لأسبوع كامل عن طفلها قبل أول اجازة اسبوعية أما الثاني فهو التواصل مع عدد من الأمهات العاملات اللاتي سبق أن مررن بهذه المرحلة .

ويقول الخبراء إن مجموعة الدعم هذه مهمة للغاية وتساعد الأم الجديدة بالفعل على تجاوز المرحلة الأكثر صعوبة من حياتها الأسرية والمهنية بسلام، فمن يمكنه أن يشعر بالدوامة التي تدور فيها اكثر من أم عاملة أخرى تشاركها الاحساس نفسه، وبالتأكيد يشعر المرء بالراحة عندما يجد شخصاً يفهمه ويمكنه الاستماع لشكواه واسداء النصح له وطمأنته بأن الأمور سرعان ما ستتطور إلى الأفضل .

وهناك طرق أخرى لمواجهة فترة الرجوع الى العمل بعد إجازة الأمومة، إذ من الممكن ان تلجأ المرأة العاملة إلى تبديل الدوام ان اتاح لها نظام الشركة التي تعمل بها مثل هذه الخطط، هذا ما فعلته ريبيكامين في الولايات المتحدة، حين تتيح الشركة التي تعمل بها عددا من خطط الدوام الجزئي والدوام من المنزل، وتعمل ريبيكا لدى شركة الخدمات القانونية “سكادن أربس وسليت ومياجر أند فلوم”، وعندما رزقت بطفلة قبل عام تقريباً أخذت اجازة الأمومة الممنوحة لها، وعندما حان وقت العودة للعمل فكرت في الاستقالة إذ لم يكن بوسعها العمل على أساس دوامها القديم حتى الثامنة مساء فهذا لن يعطيها أية فرصة على الإطلاق لرؤية صغيرتها .

وتقول مين: ترددت كثيراً في العودة للعمل من جديد بعد انجاب طفلتي فقد كان من الصعب تخيل العودة للدوام الطويل وموازنة ذلك مع حياتي الشخصية، وفكرت وقتها ان ترك ابنتي لساعات طويلة مع والدتي لترعاها سيجعلها تتعلق بأمي أكثر من تعلقها بي، الأمر الذي لم أكن لأحتمله .

لكن مين وجدت الحل الذي وفر لها الراحة الكافية، وتمثل الحل في خطط الدوام البديلة التي توفرها الشركة للأمهات بعد اجازات الوضع، واختارت مين العودة للعمل بدوام جزئي 60% لأول 3 أشهر من عودتها للعمل، وتم تعديل راتبها للفترة على هذا الأساس، ومن ثم بدأت مين في زيادة دوامها بشكل تدريجي بحيث بدأت تعمل ليومين في المكتب ويوم في المنزل وبالتدريج عادت إلى دوامها الكامل بعد مرور عام على نهاية اجازة الوضع، وتقول مين إنها لولا هذا النظام لما استطاعت العودة للعمل مرة أخرى .

تقدم شركة سكادن أربس خطة عمل رسمية تتيح للأم العاملة العودة إلى وظيفتها بشكل فعال ومريح لا يخل بالتزاماتها الأسرية في ذات الوقت الذي لا يؤثر في مستوى الأداء المنتظر منها في العمل، وتقول إيفانز إن على الموظفة الحامل أن تسأل مديرها ان كانت الشركة تسمح لها بعودة تدريجية للعمل في حال لم تكن لدى الشركة سياسة واضحة على هذا الصعيد من دون شك ترغب أي شركة أن يحقق موظفوها النجاح في عملهم وفي حياتهم أيضاً، كما أن العديد من الشركات لا تتخلى عن الموظف بسهولة بعد أن ساهمت بشكل مباشر في تدريبه وتزويده بالموارد اللازمة للتطور في عمله، وتنصح ايفانز المرأة في هذه الحالة بالتصارح مع المسؤول عنها، وأن توضح له أنها لن تتمكن من تحقيق النجاح المطلوب في عملها إذا ما عادت بدوام كامل وأن تطرح عليه تصورها عن خطة العودة التدريجية الأنسب .

وتقول ايفانز إن من الأمور التي تسهم في تخفيف العودة إلى العمل على الأم العاملة بعد اجازة الوضع أن تعاود الاتصال بزملاء العمل والتواصل معهم قبل العودة بفترة كافية لتحضير نفسها للعودة، ومن توصياتها كذلك ان تصطحب طفلها معها على اعتبار أن مثل هذه الخطوة تساعد زملاء المكتب على إدراك الاختلاف الذي طرأ على حياتها وبالتالي على وضعها في العمل .

وتقول كيت كولبورن وأندريا سيريتي مؤلفتا “ميلك ميموز” أن أول قاعدة ساعدتهم على اجتياز المرحلة الأولى من العودة إلى العمل هي خلق شبكة تواصل مع مجموعة من الامهات العاملات، فبحسب سيريتي كانت هذه الشبكة بالنسبة لها مثل طوق النجاة .

بدأ الأمر بالنسبة لكولبورن الموظفة السابقة لدى شركة “أي .بي .إم” عندما كانت تجلس في غرفة استراحة النساء في المكتب بعد عودتها للعمل بعد اجازة الوضع، وكانت وقتها تبكي اشتياقاً لابنها خلال جلوسها في الغرفة المخصصة للأمهات الجدد لسحب لبن الارضاع، ووجدت كولبورن نفسها وسط مشاعرها هذه تسحب إحدى المناشف في الغرفة وتكتب عليها: “أنا أم حديثة العهد بالأمومة، واليوم أول يوم أعود فيه للعمل بعد الانجاب، فهل هناك من تستخدم الغرفة غيري؟” وسرعان ما امتلأت المنشفة بالردود، وتحولت إلى مدونة يومية تتركها كل سيدة تستخدم غرفة الاستراحة للأخريات، ووردت في المدونة كل عبارات التشجيع والنصائح المهمة لكل أم جديدة .

ومن جانبها تقول سيريتي ان أهم ما في هذه المدونات انها ساعدتها على أن تسترخي بعد أن أدركت أن أمهات أخريات نجحن في اجتياز المرحلة الصعبة، وأن الأمور بالنسبة لها ستصبح بدورها أفضل مع مرور الوقت، وتضيف قائلة ان أهم ما في الأمر، ان الأم تدرك انها ليست وحدها التي تدور في دوامة وتشعر بالاحباط وان السبب في ذلك لا يرجع لتصور في شخصيتها بل إن الحالة بالأحرى عامة ومألوفة لدى غيرها من الأمهات الجدد .

وتوجد شبكات تواصل رسمية مماثلة اليوم بين الأمهات الجدد العاملات لدى كبريات الشركات في الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال تشارك ميني المحامية لدى شركة الخدمات التانونية “سكادين أربس” في حفلات غداء دورية للأمهات العاملات، الحفلات التي يتم خلالها القاء كلمات تشرح بعض التجارب التي تمر بها الأم العاملة في محاولاتها المستميتة للموازنة بين حياتها الشخصية وبين مهام عملها ومستقبلها المهني .

وتقول سيريتي إن غالبية الأمهات يشعرن بالاحباط وينتابهن شعور كبير بالذنب لدى العودة للعمل بعد الانجاب، خصوصاً خلال الاسبوع الأول من رجوعهن للعمل، وتؤكد أن على الأم أن تدرك هذه المشاعر وتسارع لاستئصالها من نفسها، وتوحي كل أم بأن تسعى للفصل بين العمل والحياة الخاصة، فعندما تكون في العمل يجب ألا يشغلها التفكير في أي شيء، آخر عدا مهام عملها، أما وقت البيت فعليها أن تخصصه بالكامل لشؤون البيت والأسرة .

وأخيراً يؤكد الخبراء على ضرورة تقبل التغير التدريجي ويقولون إن على الأم الجديدة أن تعي ان الأمور بحاجة إلى بعض الوقت قبل أن تهدأ وتستقر، وأن الوصول إلى الوضع المرضي يتطلب الوقت والجهد، فلا داعي للعجلة ما دام الأمر بطريقه للاستقرار في نهاية المطاف .


انتهت اجازة الوضع، وحان الوقت للعودة إلى العمل مرة أخرى من دون شك تعد هذه المرحلة الأكثر صعوبة بالنسبة لأية امرأة عاملة إذ عليها أن تترك طفلها الصغير للمرة الأولى لتعود مجدداً إلى عملها، لكن الخبراء الأكثر دراية بأوضاع المرأة والأم العاملة يرون ان هناك خطوات عدة يمكن الاعتماد عليها لتيسير هذا القرارومن أبرزها:


1- تخفيف مهام العمل:

تقدم بعض الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا خطط عودة تدريجية للأم العاملة، بحيث تتيح لها بعض الخطط العودة بدوام جزئي أو العمل من المنزل، أو خفض مؤقت في ساعات العمل داخل المكتب، تتدرج شيئاً فشيئاً حسب اتفاق محدد حتى تعود الأم العاملة لدوامها الكامل بعد مدة تتحدد بموجب اتفاق واضح بين الطرفين .

2- التحضر لمشاعر وأحاسيس مضطربة:

حتى الأمهات اللاتي يحببن بالفعل ما يزاولن من عمل سيخضعن لمثل هذا الخليط من المشاعر المتضاربة والمضطربة، فهذا أمر طبيعي، فالمرأة تختلف عما كانت عليه قبل الانجاب، في حين انها تعود إلى مكان عملها السابق الذي على عكسها، بقي على حاله، وبالطبع ستحتاج إلى بعض الوقت قبل أن تدرك فعلاً كيف يمكنها الجمع بين دورها في عملها وواجباتها كأم .

3- تجنب مشاعر الذنب:

تعد مشاعر الذنب والاحساس بالتقصير جزءاً لا يتجزأ من حياة كل أم عاملة، فهي تشعر بالذنب لترك طفلها الصغير في رعاية الغير والعودة للعمل، وغالباً ما تكون مشاعر الذنب هذه في أوجها خلال الأسابيع أو حتى الأشهر الأولى من العودة للعمل، لكن على الأم الجديدة ان تسعى جاهدة لاستئصال هذه المشاعر من نفسها فهي تزيد الضغوط الملقاة على كاهلها وتفاقم معاناتها .

4- خلق شبكة تواصل مع امهات جدد:

تؤكد الأمهات الجدد أن شبكات التواصل هذه تسهم إلى حد كبير في تخفيف حدة المعاناة التي تشعر بها الأم الجديدة لدى عودتها إلى مكان عملها بعد اجازة الوضع، إذ تسهم تجارب بقية الأمهات في مساعدتها على تجاوز المرحلة كونها بداية تشعرها بأنها ليست الوحيدة التي تدور في دوامة المعاناة هذه، اضافة إلى شعورها بالأمل بعد أن تدرك ان غيرها من النساء نجحن بالفعل في تجاوز المرحلة الصعبة .

5- الحرمان من النوم:

هذه المشكلة يصعب علاجها، فخلال الأشهر الأولى بعد الولادة، وقبل أن تتمكن الأم من ضبط مواعيد نوم طفلها تعاني حرماناً حقيقياً من الراحة والنوم، ومن الطبيعي أن تزداد المشكلة حدة بالنسبة للأم العاملة التي تلتزم بمواعيد عمل محددة . والحل الوحيد هو محاولة التأقلم مع هذا الأمر والتعود عليه، إلا أن الأمر لن يطول فسرعان ما ستنتظم ساعات نوم الطفل لتحصل الأم على ما تحتاج من ساعات راحة ونوم .


6- كل شيء في وقته:

على الأم الجديدة العاملة أن تخصص لكل شيء وقته الخاص وأن تركز على كل شيء في حينه، فعندما تكون في المكتب عليها، التركيز على العمل فقط والحال كذلك في المنزل، كما ان عليها أيضاً ان تحرص على انهاء مهام عملها قبل مغادرة المكتب بحيث لا يكون عليها ان تشعر بالقلق حيالها بقية اليوم أو أن تأخذ العمل لتنهيه في المنزل، فهذا من شأنه أن يؤثر في حياتها الخاصة وأن يحرمها من ساعات الراحة التي تكون بأمس الحاجة إليها بعد العودة من العمل، وانهاء التزاماتها المنزلية
Previous Post Next Post