أحب نفسك تحب الآخرين


أحب نفسك تحب الآخرين
لقد رسم العالم والمعالج النفسي كاربمان مثلثا دراميا يمثل الأدوار التي نلعبها أمام الحياة والآخرين وخاصة في حالات الضغط الشديدة وهذه الأدوار تتلخص في ثلاثة:
أولا : دور الضحية ------حيث يضع الشخص نفسه في دور الضحية حين يقلل من قدراته تكرارا . يشعر أنه أقل من الآخرين ويطلب باستمرار نصائحهم ويتوقع مساعدتهم في حل كل مشاكله --- وهذا النوع من الأشخاص أشبه بالطفل الذي يجعل أهله أو الآخرين المسؤولين عن كل ما يحل به .
ثانيا : دور الجلاد ------
يتصرف المرء كجلاد حين يقول أو يفكر باستمرار أنا الأقوى أو الأسرع أو الأكثر ثقافة أو عقلا  يسعى الجلاد إلى السيطرة على الآخرين ليعطي قيمه لنفسه .
ثالثا : دور المخلص ------
يصبح الشخص مخلصا حين يقول ( ماذا كنت فعلت لو لم أكن هنا ، يجب أن أساعد باستمرار ) بحجة أنه يريد الخير للآخرين . يسعى المخلص في الواقع إلى تقوية تبعية ضحيته وإعطاء نفسه صورة قيمة .

أن كل واحد منا لا يلعب دورا واحدا من تلك الأدوار بشكل حصري .بل أن المواقف الحياتية هي مزيج بنسب معينة من الأدوار الثلاثة .
 ويمكن تميز أربعة مواقف حياتية عامة في هذا المجال :
1-  أنا جيد وأنت جيد : هذا هو الموقف البناء . فالشخص واثق من قدراته ويحترم قدرات الآخرين في آن واحد . لذا فهو إنسان ممتع وعفوي ، يعيش بصدق مع نفسه ويحاول أن يخلق تناغما بينه وبين العالم من حوله .
2-      أنا لست جيد وأنت جيد : هذا هو موقف من يشعر أنه أقل من الآخرين . يقلل من قدراته ويهرب من مسؤولياته . يخاف من النزعات ويضبط أراءه مع أراء الآخرين ويسعى إلى إرضاء الجميع.
3-      أنا جيد وأنت لست جيد : هذا موقف من يظن نفسه متفوق على الآخرين لا يتكلم إلا عن نفسه ولا يهتم بمصير الناس من حوله . لا يحتمل أن يكون على خطأ . عنيف ونقدي ومتعب لمن حوله.
4-       أنا لست جيد وأنت أيضا : هذا هو موقف الشخص الذي يستقيل من الحياة . محبط ومتعب لا طاقة له على العمل لا يهتم بأي مشروع ويصعب عليه اتخاذ أدنى القرارات .
 بالطبع هنا أيضا يضيف كل واحد منا لونه الخاص على تلك المواقف الأربعة ، وقد يغير موقفنا أيضا بتغير ظروف الحياة في المنزل أو العمل ولكن على الرغم من كل تلك التلاوين ، حين يكون المرء تعبا أو مريضا أو مضغوطا يلجأ باستمرار إلى المواقف التي أتبعها خلال سنوات حياته الأولى .

وتعتمد مواقف الحياة الأربعة على الصورة التي رسمناها عن أنفسنا ، وكثيرا ما نقلل من قدر ذاتنا ولا نشعر بأمان داخلي مما يدفعنا إلى البحث عن قيمنا عند الآخرين .
أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو أن يجد الواحد منا أمانه الداخلي الخاص ، أن يهتم بنفسه من دون أن يخشى الأنانية ، فالشجرة لا يمكن أن تكون متينة ما لم تتغذى بجذورها . وكيف نحب الآخرين ما لم نحب أنفسنا ؟ كيف نفهمهم ما لم نفهم ذاتنا ؟ كيف ندعي أننا نريد مساعدتهم ما لم نساعد أنفسنا ؟ أن نحب أنفسنا يعني أن نعدل بالكامل نظرتنا إلي محيطنا ونضعها على أساس المساواة السليمة.
فحين نتخلى عن حاجتنا الخاصة ، غالبا ما نعتقد أننا نضحي من أجل الشخص المحبوب لنتقرب منه . ولكننا على خطأ ، فالتضحية في الواقع تبعدنا عنه . كيف ؟ تخيل أنك تعشق المسرح ولكن زوجتك تكرهه ، إذا تخليت عن هوايتك بدافع من حب زوجتك فانك تعرض حياتك الزوجية للخطر إذ كلما فاتتك مسرحية جميلة يتعكر مزاجك وستعامل زوجتك ببرود . وهي سوف تلاحظ موقفك من دون أن تفهمه لتستنتج أنك لم تعد تحبها كما في السابق . مما يؤدي ذلك إلى اتساع الهوة بينكما وذلك لأنك ضحيت بصمت عن رغبتك .
كلما أصغيت إلى حاجاتك أصبحت أكثر حبا ولطفا تجاه الآخرين ، فمن ليس سعيدا لا يستطيع أن يعطي السعادة ( فاقد الشيء لا يعطيه ) . وإذا أردنا أن ننجح في حياتنا الانفعالية علينا أن نحسن تواصلنا مع الآخرين .

Comments