كيف تنمي شخصية طفلك؟

هنالك وظيفة تنتظرك، أن تكون أباً أو أماً، وهي على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية، بل هي أهم وظيفة تشغلها في حياتك كلّها، وهي مهمة رائعة لأنها مهمة بناء شخصية الإنسان القادم إلى الحياة.




فأنت في بداية رحلة مثيرة نحو التحوّل إلى والد يحقق غايته ببناء إنسان مكتمل المهارات والقدرات التي تؤهله لشق طريقه مواجهاً مصاعب الحياة ومتطلباتها بثقة واقتدار.
وعلى كل الآباء والأمهات أن يسهموا في تنمية شخصية طفلهم منذ صغره، وذلك بأن يجعلوا ابنهم:
1 - يشعر بذاته وقيمته داخل أسرته، فيعطى مساحة يثبت فيها ذاته ويشعر أن رأيه وكلامه لهما معنى وقيمة، ويحسن أن يتناقش الآباء مع أبنائهم لتقريب المسافات بينهم وفهم حاجاتهم ونفسياتهم والأهم من ذلك ألا يحاولوا فرض رأيهم عليهم بل يتواصلوا معهم بطريقة ودية، وبأسلوب الحوار المحبب للطفل ليشعره بأن رأيه مهم كغيره من أفراد العائلة.
2 - استخدم معه دائماً طريقة السؤال عن رغباته، فتقول له مثلا هل ترغب أن تذهب معنا؟ هل ترغب أن تجلس معنا؟
فأسلوب السؤال والاستئناس برأيه عما يحبه ويفضله يشعره بأن رأيه يعتد به كأي من أفراد العائلة، وهذا الأسلوب يسهم في تنمية شخصية الطفل ويحفزه على تحمل المسؤولية منذ صغره معتمدا على نفسه وبهذا يكون شخصية مستقلة تكبر وتنمو معه قادرة على مواجهة مطالب الحياة. ولهذا نتائج تخالف أسلوب فرض الرأي الذي من نتائجه شعوره بأنه مهمش وعليه تنفيذ ما يملى عليه فقط.
3 - وعليك أن تتحاور معه وتسأله في بعض المشكلات البسيطة التي تناسب عمره لتجعله يشغل عقله ويفكر ويحاول أن يتوصل لحلول، فبذلك ترفع عنده مستوى ملكة التفكير وهذا كله يعود عليه بتنمية شخصية تعرف ما تريد محللة مفكرة منطقية واثقة من نفسها، وعند طرح أي مشكلة عليه، ساعده على تحديد هدف معين يفكر به ويحاول أن يحلل ويتوصل إلى الحل ولا بأس إن أخطأ أن تبين له خطأه فيتعلم منه بأسلوب الحوار والنقاش والإقناع.
4 - وعليك أن تنمي شخصية طفلك بتعليمه النظام في حياته فتجعله ينظم وقته بين وقت المذاكرة ووقت النوم ووقت اللعب.
5 - حببه بالتعاون مع الآخرين ومساعدتهم والتعامل معهم بالكلام المهذب المقترن بالتعبيرات اللطيفة كالشكر والامتنان وآداب طلب الشيء من الآخر.
6 - وأخيرا لتنمي شخصية ابنك تنمية صحيحة وسليمة، يجب أن تكون قدوة له فالطفل دائما يميل للتقليد، فإذا فعل شيئاً سيئاً فابحث في نفسك أيها الأب وستجد أنك أنت من أعطيته هذه القدوة، وإذا فعل شيئاً حسناً فاعلم أنك أيضاً من أعطيته هذه القدوة.
اللعب مع الطفل يقوي شخصيته
للعب دور مهم في تنمية مدارك الطفل واكتشاف عوالم مجهولة بالنسبة له، كما أنه ينمي مجموعة من المهارات في سن صغيرة، ولأهمية اللعب في حياة الأطفال من المهم أن نتفق أن التربية العفوية لا مكان لها الآن في حياتنا العملية، لكن التربية الواعية هي الطريقة المفيدة لتكوين شخصية الطفل المتوازنة وتنمية ذكائه، ولا يكتسب اللعب قيمته التربوية إلا إذا استطعنا توجيهه على أسس علمية، فلكل عمر ألعابه الخاصة به مع اهتمامنا باللعب مع أطفالنا لأنه لا يمكننا أن نترك عملية نمو الأطفال للمصادفة.
وأثبتت الأبحاث النفسية الفوائد العديدة للعب في حياة الطفل؛ فالألعاب بكل ما تحتويه من ترف وتسلية مهمة في حياة الطفل، ولكن الأهم أن اللعب يساعد في النمو العقلي للطفل وله تأثيره البالغ في تكوين شخصية الطفل وبناء ذاته وثقته بنفسه واستقلاليته، كل ذلك من خلال تنمية القدرات الجسمية والاجتماعية والأخلاقية من خلال الألعاب الفردية والجماعية.
1 - التنمية الجسمية: اللعب نشاط حركي ضروري في حياة الطفل لأنه ينمي العضلات ويقوي الجسم ويصرف الطاقة الزائدة، وبالتالي يعمل على زيادة فاعلية الانتباه، فالطفل يدرك ويتخيل ويفكر ويتذكر بواسطة اللعب.
2 - التنمية العقلية: اللعب يساعد الطفل على أن يدرك عالمه الخارجي، وكلما تقدم الطفل في العمر استطاع أن ينمي كثيراً من المهارات مثل التركيب والتقليد والتنظيم والاستكشاف، كما تساعد الطفل على حل المشكلات البسيطة كلعبة وضع المكعبات في مكانها الصحيح.
3 - التنمية الاجتماعية: يتعلم الطفل النظام والترتيب من خلال الألعاب الجماعية؛ من خلال:
- يتعلم كيف يعقد علاقات صداقة مع الآخرين وكيف يوسع من دائرة اتصالاته بالآخرين فيتعلم إدارة مشكلاته بالحوار بدون اللجوء إلى العنف.
- يشب من طفولته على احترام العمل في مجموعة ويقدم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية فيتعود أن نجاح الفريق هو نجاح له شخصيا.
- ولكن إذا منعنا الطفل من اللعب مع الأطفال الآخرين، فإنه يصبح أنانياً ويميل إلى العدوان ويكره الآخر.
- ممارسة الألعاب التي تتمركز حول أدوار اجتماعية مختلفة تعين الأطفال على اكتشاف وظائف تلك الأدوار وحدودها، فلعبة التسوق؛ كعمل بسوبرماركت مثلا، تساعد على الوعي بالمبادئ الاقتصادية وإتقان مهارات البيع والشراء إلى آخره فتزيد من إدراك الطفل للمواقف الاجتماعية المختلفة.
- يستطيع الطفل من خلال اللعب أن يحل ما يعترضه من مشكلات ضمن الإطار الجماعي ويتحرر من نزعة التمركز حول الذات وينمي في شخصيته روح الفريق.
4 - تنمية القيم: يسهم اللعب في تكوين النظام الأخلاقي لشخصية الطفل، فمن خلال اللعب يتعلم الطفل القيم الأخلاقية كالعدل والصدق والأمانة وضبط النفس والصبر، كما أن القدرة على الإحساس بشعور الآخرين تنمو وتتطور من خلال العلاقات الاجتماعية التي يتعرض لها الطفل أثناء اللعب، فالتعاطف مع الطفل المهزوم وتهنئة الفائز تعد من السلوكيات الأولية للذكاء العاطفي والشخصية المتوازنة.



عبدالعزيز الخضراء
كاتب وتربوي