ويؤكد رودلف الذي لا يشعر بالضيق من هذه السمة على الإطلاق، أن الهدف من الصرامة لديه، هو أن يدرك الطالب أن هنا واجبات لا بد له من الالتزام بها، والتي بدونها لن يفلح في حياته، كما يشترط المدير أن تكون هذه العقوبة جزءاً من تصور كامل لعلاج المشكلة، يقوم على الاحترام المتبادل. لذلك يقف المدير كل صباح على باب المدرسة، ويرحب بالطلاب القادمين في موعدهم. ولا يتحدث مع أحدهم في مكتبه، إلا بعد أن يقف لمصافحته، ثم يطلب منه الجلوس، ويقف لوداعه، ويرافقه حتى باب المكتب، فهو لا ينسى أن للطالب حقوقاً كالواجبات التي عليه، وله كرامته التي يكفلها الدستور، والتي لا يجوز المساس بها.

المدير الصارم

شهدت مدرسة ألمانية في إحدى السنوات، عزوفاً كبيراً من قبل أولياء الأمور عن إلحاق أبنائهم بها، لسوء سمعتها، وبسبب الفوضى التي تسود فيها، ما استدعى الإدارة المدرسية إلى التفكير في إغلاقها، خاصة بعد أن وصل عدد المسجلين فيها إلى 38 طالباً فقط، في حين أن سعتها تسمح بقبول 116 طالباً. وبعد تفكير طويل من قبل الإدارة، قررت التريث، في محاولة أخيرة منها لإنقاذ المدرسة من الإغلاق.
وقد نُقل إلى هذه المدرسة مدير معروف على مستوى برلين، وعُرف عنه أنه أكثر مديري المدارس حزماً وصرامة في العاصمة الألمانية، إذ كان كبار المسؤولين في الإدارات التعليمية في كافة أنحاء ألمانيا، يطلبون منه زيارتهم، والتحدث إلى مديري المدارس عندهم، ليستفيدوا من تجربته التي حققت نتائج باهرة، بسبب قدرته على تحويل مدارس فاشلة بجميع المقاييس إلى مدارس نموذجية.
ميشائيل رودلف، وبعد عامين من العمل الجاد في هذه المدرسة، استطاع أن يرفع عدد الراغبين في الالتحاق بها إلى 155 طالباً، واضطر إلى زيادة عدد المقاعد فيها إلى 125 مقعداً.
وكانت الصرامة المدروسة والعقوبات التصاعدية هي منهجه في العمل مع الطلبة المتسيبين، فهو لا يتوانى مثلاً عن معاقبة الطالب الذي يتكرر تأخره صباحاً، بإبقائه في الساحة حتى وإن كان الجو ممطراً، وذلك حتى يدرك الطالب أنه وحده من يتحمل عاقبة تأخره، وفي المرة الثانية يشارك في تنظيف الفناء المدرسي، وفي الثالثة يتم استدعاء ولي الأمر، فإن لم يحضر يتحدث المدير مع الطالب مباشرة.
ويؤكد رودلف الذي لا يشعر بالضيق من هذه السمة على الإطلاق، أن الهدف من الصرامة لديه، هو أن يدرك الطالب أن هنا واجبات لا بد له من الالتزام بها، والتي بدونها لن يفلح في حياته، كما يشترط المدير أن تكون هذه العقوبة جزءاً من تصور كامل لعلاج المشكلة، يقوم على الاحترام المتبادل. لذلك يقف المدير كل صباح على باب المدرسة، ويرحب بالطلاب القادمين في موعدهم.
ولا يتحدث مع أحدهم في مكتبه، إلا بعد أن يقف لمصافحته، ثم يطلب منه الجلوس، ويقف لوداعه، ويرافقه حتى باب المكتب، فهو لا ينسى أن للطالب حقوقاً كالواجبات التي عليه، وله كرامته التي يكفلها الدستور، والتي لا يجوز المساس بها.

جريدة البيان

Post a Comment

Previous Post Next Post