التعاقب الوظيفي: من تخطيط الأفراد إلى نضج المؤسسة
التعاقب الوظيفي ليس فقط مسألة أفراد جاهزين، بل هو انعكاس لنضج ثقافة المؤسسة، وقدرتها على خلق بيئة تعلم مستمر، واستثمار طويل الأمد في رأس المال البشري.
💡 الفكرة الأولى: ليس كل متميز مؤهل للقيادة
الأداء العالي لا يعني بالضرورة الاستعداد القيادي.
بعض الموظفين قد يكونون خبراء في تخصصهم، لكنهم لا يملكون المهارات القيادية أو لا يرغبون بتحمل المسؤوليات الإدارية.
🔹 ماذا يعني ذلك؟
ضرورة التمييز بين "نخبة الكفاءات التخصصية" و"نخبة الكفاءات القيادية"، وتوفير مسارين للتطور:
-
مسار التميز التخصصي.
-
مسار التطور القيادي.
💡 الفكرة الثانية: التقييم لا يكون فقط بالأرقام
التحفيز والطموح والمرونة، كلها صفات لا تُقاس في تقارير الأداء فقط.
ولذلك تحتاج المؤسسات إلى أدوات تقييم متكاملة تشمل:
-
مقابلات معمقة.
-
ملاحظات السلوك المهني.
-
تقييم المرونة والتعلم من التجارب.
-
استبيانات حول الاستعداد لتولي أدوار جديدة.
🔹 مثال تطبيقي:
موظف حقق نتائج عالية، لكنه رفض جميع فرص التدريب الخارجي. هنا، التقييم الحقيقي يتجاوز الأرقام ليشمل الموقف الذهني والتفاعل مع فرص النمو.
💡 الفكرة الثالثة: بيئة التعاقب لا تُبنى بالقرارات، بل بالثقافة
لا يكفي إصدار تعميم إداري بإنشاء خطة تعاقب.
الموظف يجب أن يشعر أن المؤسسة تؤمن به، وتفتح له الباب للنمو، دون أن يخشى أن يُهمَّش أو يُستبعد بسبب طموحه.
🔹 ماذا تحتاج المؤسسة؟
-
حوارات مهنية دورية بين المديرين والموظفين حول تطلعاتهم المستقبلية.
-
تشجيع المبادرات الذاتية كفرص لاستكشاف القادة الكامنون.
-
سياسة واضحة للتطوير الوظيفي ترتبط بالعدالة لا بالمجاملات.
💡 الفكرة الرابعة: التدريب لا يعني التأهيل دائمًا
يمكن أن تحضر أفضل الدورات، دون أن تكون مؤهلًا للقيادة ميدانيًا.
ولذلك يجب ربط التدريب بالتطبيق، مثل:
-
قيادة مشروع تطوعي داخلي.
-
الإشراف المؤقت على فريق.
-
تقديم عرض قيادي أمام الإدارة العليا.
🔹 مثال تطبيقي:
موظف شارك في دورة "إدارة الأزمات"، ثم كُلّف بإعداد خطة طوارئ لقسمه.
هذا الدمج بين التدريب والممارسة هو ما يصنع القادة.
💡 الفكرة الخامسة: المدير القائد يصنع خلفاءه
واجب المدير اليوم أن يفكر في "من سيأتي بعدي؟"، لا بدافع الخوف على موقعه، بل من منطلق مسؤوليته القيادية.
🔹 ما دور المدير؟
-
ترشيح المواهب الصاعدة.
-
نقل المعرفة.
-
منح فرص إشرافية ضمنية.
-
بناء ثقة الموظف بنفسه.
🔹 اقتباس ملهم:
"القائد العظيم لا يُقاس بمنصبه، بل بعدد القادة الذين يتركهم من بعده."
💡 الفكرة السادسة: التعاقب يبدأ من الصفوف الأولى
ليس من الحكمة أن تقتصر خطة التعاقب على الإدارة العليا.
بل يجب أن تمتد لتشمل:
-
رؤساء الأقسام.
-
المشرفين.
-
حتى الموظفين التنفيذيين ممن يملكون سمات قيادية.
🔹 لماذا؟
لأن القيادة تبدأ من التفاعل اليومي، وإدارة فريق صغير اليوم، هو تمهيد لقيادة فريق أكبر غدًا.
✨ خاتمة تكاملية:
التعاقب الوظيفي ليس مشروعًا مؤقتًا، بل ثقافة طويلة الأمد تُبنى بوعي، وتزدهر في بيئة تشجّع على التعلم، وترى في كل موظف "قائدًا قيد التكوين".
والسؤال الأهم الذي يجب أن تطرحه كل مؤسسة اليوم:
هل نملك فقط من يدير اليوم؟ أم نبني أيضًا من يقود الغد؟
https://www.fahr.gov.ae/wp-content/uploads/2024/03/6bb12e55.pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق