الوظيفة العامة: من خدمة إلى مسؤولية
في قلب الوظيفة العامة، لا يكمن فقط تنفيذ الأوامر أو أداء المهام الروتينية، بل تتجلى فيها أسمى معاني التمثيل المهني والإنساني للدولة أمام جمهورها. الموظف العام ليس مجرد ناقل للطلبات أو منفذ للتعليمات، بل هو وجه المؤسسة، وصوت الحكومة، وصورة المجتمع في أعين المتعاملين.
إن الفرق الجوهري بين موظف يقدم الخدمة بروح المبادرة والاحترام، وآخر يتعامل مع المراجعين بتجاهل أو تهرب، ليس في المهارات، بل في الفهم العميق لمفهوم المسؤولية العامة. الأول يرى نفسه مؤتمنا على المصلحة العامة، والثاني يتعامل مع الوظيفة كواجب مفروض يؤديه بحده الأدنى.
وقد أكدت وثيقة السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة على أن الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، وأن الموظف في أدائه لوظيفته يجب أن يستهدف المصلحة العامة وحدها. ولا يكون ذلك إلا من خلال الالتزام بأعلى معايير الكفاءة، والانضباط، والاحترام المتبادل، والسلوك المهني السليم.
إن جوهر هذه الثقافة المؤسسية يقوم على مبدأ مركزي نصت عليه الوثيقة، وهو:
"الالتزام واجب أخلاقي قبل أن يكون إدارياً".
هذا الالتزام هو التعبير الحقيقي عن القيم المؤسسية التي وضعتها الوثيقة كإطار حاكم لسلوك الموظف، ومنها:
الامتياز: أي الحرص على استغلال كل فرصة لتحسين الأداء والمعرفة والمهارة.
الاجتهاد: بذل المزيد من الجهد لتحقيق التميز في الإدارة العامة.
النزاهة والصدق والأمانة: أن يكون الموظف صادقاً وصريحاً ويضع المصلحة العامة فوق مصلحته الخاصة.
الموضوعية والحيادية: التصرف بعدالة وشفافية دون تحيز.
إن الالتزام بهذه القيم لا ينعكس فقط على أداء الموظف، بل على سمعة المؤسسة وثقة المتعاملين بها. وكل موظف مؤتمن على هذه الصورة، وكل تصرف يصدر منه، سواء بالكلمة أو بالموقف، يسهم في تشكيل الانطباع العام عن الدولة.
لهذا، فإننا نؤكد أن الوظيفة العامة ليست مجرد خدمة، بل مسؤولية أخلاقية مستمرة، تبدأ من لحظة دخول الموظف إلى المؤسسة، ولا تنتهي بانتهاء الدوام، لأنها متصلة بشرف تمثيل الدولة.
القيمة المؤسسية المرتبطة:
✅ الامتياز – النزاهة – الالتزام بالمصلحة العامة – المسؤولية الفردية – المهنية
(وفق وثيقة السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة، قرار مجلس الوزراء رقم 79 لسنة 2023)
إعداد: د. بدر رمضان الحوسني
albder.com
Albder.com
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق