الإدارة بالمسايرة: سيف ذو حدين في بيئة العمل
القيادة التي تُرضي الجميع ولا تُصلح شيئًا
أولًا: مفهوم الإدارة بالمسايرة
الإدارة بالمسايرة هي أسلوب إداري يعتمد على مجاراة الموظفين أو أصحاب المصلحة، وتجنب المواجهات، والسعي لترضية الجميع حتى على حساب القيم المؤسسية أو القرارات الصائبة.
هي إدارة تُفضّل السلام الظاهري على الإصلاح الحقيقي، وتُغلّب العواطف على الأنظمة، والمجاملة على المحاسبة.
ثانيًا: سمات المدير الذي يُساير
- يوافق على كل الآراء لتجنب الخلاف.
- يتغاضى عن الأخطاء خوفًا من فقدان الشعبية.
- يتردد في اتخاذ القرارات الجريئة.
- يسعى لرضا الجميع على حساب الكفاءة.
- يستخدم عبارات مثل: “خلّ الأمور تمشي”، أو “مش وقته”.
ثالثًا: أسباب شيوع الإدارة بالمسايرة
- الخوف من النزاعات: بعض المديرين يهربون من المواجهة ظنًا أنها ستؤثر سلبًا على العلاقات.
- نقص الكفاءة القيادية: ضعف الشخصية أو غياب الخبرة يدفع المدير لمسايرة الغير بدلًا من قيادتهم.
- ثقافة مؤسسية سلبية: بعض البيئات تُشجع المجاملة وتُقصي الصراحة، مما يخلق بيئة طاردة للقيادة الحازمة.
- رغبة في كسب الشعبية: يعتقد بعض القادة أن القبول أهم من التغيير، فيسايرون الجميع ليُحبهم الموظفون.
رابعًا: الآثار السلبية للإدارة بالمسايرة
الأثر
التوضيح
ضعف الالتزام
الموظفون لا يشعرون بالمساءلة لأن القائد لا يواجههم بالتقصير.
ضياع العدالة
يتم التغاضي عن أخطاء البعض ومسايرة نفوذهم، مما يولّد شعورًا بالظلم.
انحدار الأداء
غياب الصرامة يؤدي إلى تراجع في الجودة، وزيادة في الأعذار والتهرب.
التراجع المؤسسي
لأن القرارات لا تُبنى على المصلحة العامة بل على إرضاء الأطراف.
خامسًا: الفرق بين المرونة والمسايرة
المقارنة
المرونة
المسايرة
الأساس
التوازن بين النظام والواقع
التنازل عن النظام لتجنب المواجهة
الهدف
تسهيل العمل وتحقيق النتائج
كسب رضا الجميع وتجنب الإحراج
الأثر
تحسين بيئة العمل
تعطيل المساءلة وخلخلة المعايير
سادسًا: كيف نتجنب الإدارة بالمسايرة؟
- الوضوح في التوقعات: تحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول.
- الشجاعة في القرار: اتخذ القرار المناسب حتى إن لم يُرضِ الجميع.
- بناء الثقة من خلال الصدق: كن قائدًا شفافًا عادلًا، يُصارح لا يُساير.
- تعزيز ثقافة المسؤولية: ساعد فريقك على تقبّل الملاحظات والتغييرات كجزء من التطوير.
سابعًا: موقف تطبيقي
في مدرسة ما، تأخر عدد من المعلمين عن الحصص الأولى باستمرار. المدير، خوفًا من خلق توتر، اكتفى بالتلميح دون اتخاذ إجراء. مع الوقت، أصبح التأخير سلوكًا معتادًا، وبدأ الطلبة يعانون من قلة الانضباط.
هذا نموذج لإدارة بالمسايرة، حيث تحولت المجاملة إلى ضرر مباشر على العملية التعليمية.
ختامًا
الإدارة بالمسايرة قد تُشعرك بالهدوء المؤقت، لكنها تقودك إلى فوضى مؤسسية على المدى البعيد.
القائد الحقيقي لا يهرب من الصراحة، ولا يساير الخطأ، بل يُحسن التوازن بين الحزم والرحمة، وبين النظام والإنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق