الترقية الوهمية
بريق زائف في بيئة العمل الحديثة
في كثير من المؤسسات تعد الترقية حلم الموظف المشروع، فهي رمز للتقدير ومحطة مهمة في المسار المهني، إلا أن هذا الحلم قد يتحول في بعض البيئات إلى ما يُعرف بالترقية الوهمية، وهي ممارسة إدارية ظاهرها التقدير وباطنها الجمود. إنها ترقية تمنح في الشكل لا في المضمون، وفي الاسم لا في الأثر.
ما هي الترقية الوهمية
الترقية الوهمية هي اجراء شكلي او معنوي يحصل فيه الموظف على مسمى وظيفي اعلى أو يُكلف بمهام عليا دون أن يُمنح فعليا أي صلاحيات جديدة أو حوافز مالية أو تأهيل إداري يعكس حجم الدور الجديد. وغالبا ما تُستخدم كأداة للتهدئة المؤقتة دون وجود نية فعلية للتطوير أو التمكين.
صور الترقية الوهمية
تتعدد اشكال الترقية الوهمية في بيئات العمل، وأبرزها ما يلي:
• المسمى دون المهام
موظف يمنح مسمى مثل رئيس قسم أو مدير مشروع دون تغيير فعلي في صلاحياته أو سلطته أو طبيعة المهام المكلف بها
• الترقية الشفهية أو الإعلامية
يتم الترويج لترقيته شفهيا أو عبر البريد الداخلي دون قرار رسمي أو توثيق إداري واضح
• ترقية بلا عائد مالي
يُمنح اللقب الجديد مع بقاء الراتب والبدلات كما هي دون أي حافز يعكس التطور المهني
• تكليف مؤقت بلا تثبيت
تكليف الموظف بدور قيادي مؤقت تحت غطاء التجربة أو الحاجة، دون أن يُتبع ذلك بأي تقييم جاد أو نية للتثبيت
• ترقية لتسكين المطالبات
تُستخدم الترقية كأداة لإسكات المطالب أو تلطيف موقف نقدي دون رؤية تطويرية حقيقية
الاثار السلبية للترقية الوهمية
تمثل هذه الممارسة خطرا على بيئة العمل من عدة نواحي:
• فقدان الثقة
يتراجع إيمان الموظف بعدالة الإدارة وصدق نواياها
• انخفاض الحافز
ينعكس الشعور بالإحباط على مستوى الأداء والانتماء المهني
• انتشار الشعور بعدم الإنصاف
تتحول بيئة العمل إلى ساحة للظنون والانقسامات وغياب العدالة
• خلل في مؤشرات التقييم المؤسسي
يتم تضخيم عدد القيادات بشكل وهمي لا ينعكس على الأداء الفعلي للمؤسسة
• غياب الدعم عند الخطأ
وعند وقوع الموظف في الخطأ يتخلى عنه الجميع مع غياب التدريب والدعم الذي يؤهله فعليا لأداء المهام الجديدة، مما يجعله عرضة للفشل والنقد غير المنصف
مثال واقعي
في احدى الجهات تم تعيين موظف بمسمى رئيس قسم، وبدأ حضور الاجتماعات القيادية، لكن دون صلاحيات تنفيذية أو تفويض رسمي. لم يتغير راتبه، ولم يحصل على أي تدريب إداري. وعندما أخطأ في إجراء بسيط تمت محاسبته بشدة، رغم أنه لم يكن مؤهلا للمنصب فعليا. كانت النتيجة خسارة الثقة واهتزاز استقراره النفسي والمهني
ختاماً:
الترقية ليست مكافأة شكلية بل مسؤولية حقيقية. ومن الواجب أن ترتبط بأي ترقية عناصر أساسية تشمل التمكين الفعلي، الدعم المؤسسي، والتأهيل المهني. أما الترقية الوهمية فهي عبء إداري لا يخدم الموظف ولا المؤسسة، بل تزرع الإحباط وتنتج بيئة يغيب عنها الإنصاف والشفافية
إعداد د. بدر رمضان الحوسني
Albder.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق