لم تعد التربية اليوم مجرد نقل معرفة او ضبط سلوك بل اصبحت مسؤولية تكوين انسان قادر على التفاعل مع عالم متغير متداخل تقوده الشاشات وتوجهه المؤثرات السريعة في هذا العصر لا يكفي ان نحمي الطفل من الاخطار بل علينا ان نمنحه الادوات ليعرف كيف يحمي نفسه وان نزرع فيه مهارات تجعله قادرا على الفهم والاختيار لا التبعية والانقياد
من طفل متلقي الى طفل متفاعل
الفرق الجوهري بين التربية التقليدية والتربية في العصر الرقمي هو ان الطفل لم يعد ينتظر المعلومة بل يعيش في محيط يغمره بالمضامين من كل اتجاه وهنا تبرز الحاجة الى مهارات تساعده على التفاعل لا الاستهلاك فقط
مثال تطبيقي طفل في العاشرة يتلقى مقطع فيديو عن مغامرة غير منطقية بدلا من منعه يتم توجيهه لطرح اسئلة مثل هل ما رايته ممكن في الواقع ماذا يمكن ان يحدث لو قلده طفل اخر هذه الطريقة تحول المشاهدة الى تمرين على التفكير
مهارات التفكير الناقد
احدى اهم المهارات التي يحتاجها الطفل اليوم هي قدرته على التمييز بين الصح والخطا بين الحقيقي والزائف بين المفيد والمضلل
- تدريب الطفل على طرح الاسئلة لا قبول كل ما يراه
- تعليمه ان الخطا لا يقلل من قيمته بل هو جزء من التعلم
- تشجيعه على مقارنة الاراء دون تعصب
مثال تطبيقي اب يطلب من ابنته بعد كل مشاهدة لمقطع جديد ان تكتب ثلاثة اشياء اعجبتها وشيئين لم تقنعها ولماذا ثم يناقشان ذلك معا مما عزز قدرتها على الفهم والنقد
مهارات الوعي بالمشاعر
في زمن السرعة يفقد الطفل احيانا الاتصال بمشاعره ويعجز عن التعبير عنها او تنظيمها وهنا تاتي اهمية تنمية الوعي العاطفي
- تعريف الطفل بانواع المشاعر مثل الفرح الغضب الحزن
- مساعدته في تسمية شعوره قبل ان يندفع
- تقديم امثلة واقعية لمواقف مماثلة وكيف تمت مواجهتها
مثال تطبيقي طفل عاد من المدرسة وهو منزعج بدل ان تقول له امه لا تبك طلبت منه ان يرسم ما يشعر به ثم تحدثا عما سبب له الانزعاج وكيف يمكن مواجهته غدا بطريقة افضل
مهارات الحوار الذاتي
الطفل يحتاج ان يتعلم كيف يتحدث مع نفسه لا ان يبقى اسير اصوات الخارج يجب ان نبني فيه صوتا داخليا داعما يعزز ثقته ويصوب افكاره
- تعليم الطفل ان يصف نفسه بكلمات ايجابية
- تدريبه على تهدئة نفسه عند الغضب
- حثه على اعادة التفكير في المواقف بدل الانفعال التلقائي
مثال تطبيقي اسرة علمت ابنها عبارة يستخدمها عندما يخطئ مثل انا لست فاشلا انا احتاج ان اجرب مرة اخرى هذه العبارة البسيطة جعلته اكثر هدوءا واصرارا في التعامل مع التحديات
مهارات التنظيم واتخاذ القرار
في عالم متشعب الخيارات لا بد ان نعلم الطفل كيف يختار لا كيف يهرب من القرار
- منحه فرصا لاتخاذ قرارات بسيطة يوميا
- مناقشة نتائج قراراته دون توبيخ
- تعليمه كيف يوازن بين ما يريد وما يجب
مثال تطبيقي ام تعطي طفلها كل صباح حرية اختيار ما يرتديه بشرط ان يكون مناسبا للطقس والنشاط ثم تناقش معه النتيجة اذا كانت غير موفقة مما يساعده على التعلم من قراراته
التربية بالتمكين لا بالتقييد
الاب والام ليسا حارسين فقط بل هما مدربان وموجهان يزرعان المهارات من خلال المواقف اليومية
- لا تمنع الطفل من الخطا لكن رافقه في تصحيحه
- لا تحرمه من التجربة بل راقبه من بعيد
- لا تكثر من الاوامر بل امنحه خيارات ومسؤوليات
مثال تطبيقي اب يعهد لابنته بادارة ميزانية بسيطة لشراء اغراض اسبوعية مع تحديد اولويات واعداد قائمة ثم مراجعة ما اشترته هذا التمرين البسيط علمها الادارة والتخطيط والمسؤولية
الختام اطفال اليوم قادة الغد
في النهاية الطفل الذي يتقن مهارات الحياة لا يخاف من العالم بل يتفاعل معه بثقة الطفل الواعي ليس من يعرف كل شيء بل من يعرف كيف يتعامل مع المجهول كيف ينظم مشاعره كيف يسال ويستفسر كيف يخطئ ويتعلم كيف يقرر ويتحمل
فلنرب ابناءنا على المهارة لا على التكرار على الفهم لا على الحفظ على الجرأة الايجابية لا على الطاعة العمياء حتى نصنع جيلا لا يهرب من العالم بل يصنع فيه اثرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق