الذكاء العاطفي في تربية الطفل كيف نعلمه ان يفهم مشاعره ويتعامل معها بوعي

في عالم مليء بالمؤثرات والمتغيرات السريعة لم يعد نجاح الطفل يعتمد فقط على قدراته العقلية او تحصيله الدراسي بل اصبحت قدرته على فهم مشاعره والتعبير عنها والتفاعل مع مشاعر من حوله احد اهم عوامل التوازن والسعادة والاستقرار

هذا ما يعرف بالذكاء العاطفي وهو المهارة التي تساعد الطفل على معرفة ما يشعر به ولماذا يشعر به وكيف يتعامل مع تلك المشاعر دون ان ينكرها او ينفجر بسببها

الطفل العاطفي ليس ضعيفا والطفل الواعي ليس باردا

هناك خلط شائع بين الطفل العاطفي والطفل الضعيف وبين الطفل الهادئ والطفل المكبوت الذكاء العاطفي لا يعني ان الطفل لا يشعر بل يعني انه يشعر ويفهم ويدير مشاعره بطريقة متزنة

مثال تطبيقي طفل بكى في الصف عندما تعرض لموقف محرج فبدل ان تقول له معلمته لا تبك انت كبير قالت له يبدو انك شعرت بالخجل وهذا طبيعي ثم ساعدته على تهدئة نفسه ومواصلة النشاط هذه الاستجابة صنعت بداخله قبولا لمشاعره وادارة لها

علمه ان يسمي مشاعره

الطفل احيانا يشعر بالغضب او الحزن او الاحباط لكنه لا يعرف كيف يصف ما بداخله فيكتفي بالصراخ او الانفعال او الانسحاب هنا يجب ان نعلمه ان يسمي شعوره

• استخدم كلمات بسيطة مثل هل انت غاضب ام حزين ام متوتر
• شاركه بتجربة مشابهة انت مررت بها
• ساعده ان يكتب او يرسم شعوره

مثال تطبيقي ام طلبت من ابنها ان يرسم ما يشعر به بعد شجار مع اخته فرسم غيوما سوداء قالت له يبدو انك غاضب ثم ناقشا معا كيف يخفف هذا الغضب بطريقة سليمة

كل المشاعر مقبولة لكن ليس كل سلوك

لا بد ان نعلم الطفل ان من حقه ان يشعر بما يشعر به لكن ليس من حقه ان يؤذي الاخرين بسبب مشاعره

• الغضب لا يعني ان نصرخ
• الحزن لا يعني ان ننعزل دائما
• الفرح لا يعني ان نزعج غيرنا

مثال تطبيقي اب لاحظ ان ابنته تضرب الباب عندما تغضب فقال لها من حقك ان تغضبي لكن ليس من حقك ان تؤذي نفسك او غيرك دعينا نتحدث عن السبب ونجد حلا هذا الحوار حول الغضب من فعل مرفوض الى شعور مقبول وسلوك منضبط

دربه على تهدئة نفسه

الذكاء العاطفي لا يعني فقط التعبير بل ايضا القدرة على التهدئة الذاتية

• علمه ان ياخذ نفسا عميقا عندما يغضب
• شجعه على التحدث مع نفسه بكلمات مهدئة
• امنحه مساحة للهدوء قبل النقاش

مثال تطبيقي طفل كان يفقد اعصابه عندما يخسر في لعبة الكترونية فاتفقت معه امه ان يردد عبارة بسيطة بعد كل خسارة مثل لا باس ساحاول مرة اخرى ثم يتوقف لدقيقة قبل ان يكمل شيئا فشيئا تعلم تقبل الفشل

علمه كيف يفهم مشاعر غيره

الطفل الذكي عاطفيا لا يفهم نفسه فقط بل يشعر بالاخرين ويتفاعل معهم برحمة واحترام

• اساله كيف شعر زميلك عندما حدث كذا
• شجعه ان يعتذر اذا اخطا حتى لو لم يقصد
• امدحه عندما يظهر تعاطفا مع اخيه او صديقه

مثال تطبيقي اسرة خصصت دفتر اسبوعي يسمى دفتر المشاعر يكتب فيه كل طفل موقفا راى فيه مشاعر احد افراد العائلة وكيف تعامل معها ثم يقرؤونه معا مساء الجمعة مما عزز لديهم الوعي العاطفي الجماعي

بيئة تتفهم لا تقمع

اهم ما يساعد الطفل على بناء ذكائه العاطفي هو ان يعيش في بيت لا يخجل فيه من مشاعره ولا يخاف ان يخطئ ولا يتعرض للتقليل عندما يعبر

• لا تسخر من دموعه ولا تسكته اذا عبر عن حزنه
• لا تقل له دائما كن قويا بل قل له كن واعيا بما تشعر
• لا تتركه امام الشاشات فقط بل شاركه الحوار والمواقف

الختام الطفل الذكي عاطفيا هو طفل اكثر توازنا واكثر انسجاما مع نفسه ومع غيره

في النهاية الذكاء العاطفي ليس رفاهية بل ضرورة في عالم سريع ومتقلب الطفل الذي يعرف نفسه ويتعامل مع مشاعره باحترام وتفهم سيكون اكثر قدرة على النجاح في علاقاته ودراسته وحياته

فلنمنح ابناءنا مساحة ليشعروا ويتعلموا ويفهموا انفسهم ولنكن نحن قدوتهم في ذلك بكلمة صادقة وموقف حنون واستماع دون حكم حتى نصنع جيلا لا يهرب من مشاعره بل يصادقها ويتعامل معها بوعي