التوازن في حياة الإنسان: بين العجلة والتأخر والحكمة في السلوك

العجلة:

https://t.me/yorlive/6741

الإنسان في كثير من الأحيان يميل إلى العجلة، سواء بدافع الحماس أو القلق من فوات الفرص. العجلة قد تكون مدفوعة برغبة في تحقيق الأهداف بسرعة أو الهروب من التفكير العميق. ورغم أن العجلة قد تكون مفيدة في بعض الأحيان لاتخاذ قرارات سريعة، إلا أنها قد تقوده إلى التسرع الذي يؤدي إلى الأخطاء.

مقولة: “من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.” - علي بن أبي طالب



التأخر:


على النقيض، هناك أوقات يميل الإنسان إلى التأخر أو التسويف، سواء نتيجة للخوف من النتائج أو الكسل أو قلة الحافز. التأخر عادةً ما يرتبط بحالة من التردد أو شعور بالضغط من اتخاذ القرار. قد يعكس هذا السلوك نقصًا في الثقة بالنفس أو رغبة في الهروب من المسؤولية، لكنه غالبًا ما يسبب تأجيل النجاح أو تراكم الأعباء.

مقولة: “التأجيل هو قاتل الفرص.” - فيكتور هوغو


التهرب:


أما التهرب، فهو مزيج من العجلة والتأخر. في كثير من الأحيان، عندما يشعر الإنسان بالإرهاق أو الضغط، يلجأ إلى التهرب كآلية دفاعية. التهرب يمكن أن يظهر في أشكال مختلفة، مثل الانشغال الزائف أو إيجاد أعذار واهية. هذا السلوك، رغم أنه يمنح راحة مؤقتة، يؤدي في النهاية إلى مواجهة مشكلات أكبر بسبب عدم التعامل معها في وقتها.

مقولة: “لا يمكنك الهروب من مسؤوليات الغد بالتهرب منها اليوم.” - أبراهام لنكولن


كيف يوازن الإنسان؟


للتغلب على هذه المزاجية، يحتاج الإنسان إلى وعي ذاتي وقدرة على إدارة وقته وعواطفه. العجلة يمكن أن تصبح أداة إيجابية إذا استُخدمت بحكمة لتحقيق الأهداف. التأخر يمكن معالجته من خلال التخطيط الجيد والتخلص من المخاوف. أما التهرب، فيتطلب مواجهة الأسباب الجذرية للضغوط بدلاً من الهروب منها.

مقولة: “التوازن في كل شيء هو مفتاح الحياة السعيدة.” - أرسطو

إعداد. د. بدر الحوسني


كيف يوازن الإنسان؟

https://t.me/yorlive/6744

للتغلب على مزاجية العجلة، التأخر، والتهرب، يحتاج الإنسان إلى وعي ذاتي وقدرة على إدارة وقته وعواطفه بفعالية. يمكن تحقيق هذا التوازن من خلال الاقتداء بأعمال النبي الكريم، والالتزام بتوجيهات القرآن الكريم، والاستفادة من الحكم العملية التي تركها القادة والحكماء.


من أعمال النبي محمد ﷺ:


النبي محمد ﷺ كان مثالاً في التوازن في كل أموره. فقد قال:

“إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا.”

(رواه البخاري)

يدعو هذا الحديث إلى التوازن في الأمور وعدم الإفراط أو التفريط، مع التحلي بالصبر والتروي.


من آيات القرآن الكريم:


القرآن الكريم يحث على التوازن في كل أمور الحياة وعدم التسرع، حيث يقول الله تعالى:

“وَخُلِقَ الْإِنسَانُ عَجُولًا”

(سورة الإسراء: 11)

هذه الآية تذكير بأن العجلة جزء من طبيعة الإنسان، ولكن عليه التحكم بها. ويقول الله أيضًا:

“وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”

(سورة هود: 85)

تشير هذه الآية إلى أهمية التوازن في الحقوق والواجبات، وعدم التهرب من المسؤوليات أو التسرع في اتخاذ القرارات.


من حكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان:


الشيخ زايد آل نهيان "طيب الله ثراه" كان يؤمن بالتوازن بين العمل والاعتدال في الحياة، حيث قال:

“إن علينا أن نكافح ونعمل، ونعطي قبل أن نأخذ، ونُضحّي قبل أن نطلب.”

هذه الحكمة تؤكد أهمية مواجهة المسؤوليات بشجاعة وعدم التهرب منها، مع التحلي بالاعتدال في العمل والسلوك.


الخلاصة:


يمكن للإنسان أن يوازن حياته من خلال اتباع المنهج النبوي في الحكمة والصبر، الامتثال لتعاليم القرآن الكريم التي تحث على التروي وعدم التسرع، والاستلهام من حكم القادة العظام مثل الشيخ زايد، الذين عرفوا كيف يديرون الحياة بتوازن بين الحزم والتسامح، بين الصبر والإنجاز.


د. بدر الحوسني



تعليقات

المشاركات الشائعة

لماذا يتفوق الذكاء العاطفي على الذكاء العقلي في النجاح الحديث؟

نحلة المهام الصغيرة تصنع الفرق الكبير

ثقافة الانشغال الى التوازن في عقد 2020 – عدسة على طلبة المدارس

الاحتراق الوظيفي والاجهاد النفسي المزمن في البيئة التعليمية: معلمون ومعلمات في قلب التحدي

يعني ايه ذكاء عاطفي ❤️🧠، كتاب: النوع الآخر من الذكاء #أخضر

الصحة النفسية للطلبة في البيئة المدرسية: بين الدعم الوقائي والاستجابة المؤسسية

نموذج خطة عمل مشروع تربوي

ملخص كتاب أفكار صغيرة لحياة كبيرة

مفهوم التخطيط التنفيذي