بعض الذكاء مهلكة!

يُروى أن كان هناك حصانان



يحملان حمولتين، فكان الحصان الأمامي يمشي بهمة ونشاط، أما الحصان الخلفي فكان
كسولا جدا، بدأ الرجال يكدّسون حمولة الحصان الخلفي (الكسول) على ظهر الحصان
الأمامي (النشيط)، وبعد أن نقلوا الحمولة كلها، وجد الحصان الخلفي أن الأمر جدّ
جميل، وأنه قد فاز وربح بتكاسله، وبلغت به النشوة أن قال للحصان الأمامي: اكدح
واعرق!، ولن يزيدك نشاطك إلا تعباَ ونصبا!!.




وعندما وصلوا إلى مبتغاهم،
قال صاحب الحصانين: ولماذا أُطعم الحصانين، بينما أنقل حمولتي على حصان واحد؟
من الأفضل أن أعطي الطعام كله إلى الحصان النشيط، وأذبح الحصان الآخر، وسأستفيد
من جلده على الأقل!، وهكذا فعلها.




ظن هذا الحصان الذكي -وبعض
الذكاء 
مهلكة!-
أن الحياة تؤخذ بالحيلة، وأن الأرباح تُقسّم على الجميع سواسية، المجتهد منهم
والكسول..




والمدهش أن هذه القصة
تتكرر كثيرا في الحياة، يظن المرء في ظل وضع فاسد أن الحياة يملكها أصحاب
الحيل، وأن الدَّهْماء هم الذين يضعون قوانين اللعبة!.




كثير من التعساء لا يدركون
أن للحياة قوانين لا تحيد، حتى وإن غامت قليلا لظروف ما، تماما كما غامت أمام
الحصان الكسول فغرّرت به.




ولعل من حسن طالعنا أن
القرآن أخبرنا أن هناك قانونا في الحياة يُدعى قانون العمل: {وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}
،
بوضوح غير قابل للتشويش، الله -جل اسمه- يعطينا خلاصة قانون هام من قوانين
الحياة، وهو العمل، والجد، والاجتهاد.. وهو ما سيتم تقييمه في الآخرة، فضلا عن
الدنيا.




قانون السبب والنتيجة،
والفعل وردّ الفعل، كلها تؤكد أن الأعمال تفرز نتائج معروفة وواضحة، وأن للحياة
قواعد تسري على الكبير والصغير.




هل حزنت مثلي عندما وجدت
أن هناك من هم أقل منك وفازوا، وأغبى منك وربحوا، وأصغر منك ونالوا من الحياة
قسطا أكبر مما نلته؟!.





لا تحزن.. فالله لا يظلم مثقال ذرة، اعمل واكدح وقدّم ما تستحق
عليه المكافأة في آخر الطريق، ولا تتذمّر، فربما قدّم هذا الشخص أو ذاك ما
يستحق أن ينال ما تراه فيه من نعمة، أو ربما يُساق دون أن يدري إلى خاتمته،
فتراه وقد ذُبح وسُلخ كصاحبنا الحصان!.
 


كريم الشاذلي
من كتاب:ما لم يخبرني به أبي عن الحياة 

Comments

Popular Posts

تطوير التعليم العالي لتلبية احتياجات سوق العمل في دولة الإمارات

أهم المهارات القيادية المؤثرة على نجاح القادة: دراسة زينجر وفولكمان

أهداف و فوائد المجلة المدرسية

تُعد الفجوات التعليمية والسلوكية والنفسية من أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية في الوقت الحالي. ومن هذا المنطلق، تركز الجهود على تحديد هذه الفجوات ووضع حلول تطبيقية لسدها بما يضمن تحقيق المستهدفات الاستراتيجية ورفع مستوى جودة الحياة المدرسية. يُبرز هذا المستند أمثلة عملية لسد الفجوات المختلفة التي تعيق تحقيق الأهداف المرجوة.

نموذج خطة عمل مشروع تربوي

2014 افضل الصور عليها حكم و اقوال مأثورة Best wise words

التوازن بين الإجراءات والنتائج: دور الموارد البشرية والتمكين في تحسين جودة حياة الطلبة

9 استراتيجيات نفسية فعالة ورؤية الإمارات 2031 تسعى إلى بناء مجتمع معرفي مستدام يتمتع فيه المواطنون بمهارات قيادية وقدرات تنافسية عالمية. الانضباط الذاتي يُعد أحد المهارات المحورية لتحقيق هذه الرؤية، حيث يساهم في تمكين الأفراد من تطوير أنفسهم ومجتمعهم.