كيف تبتكر بمفردك ؟

كيف تبتكر بمفردك ؟

المجال الفردي للتفكير الابتكاري لا يقلّ أهمّية عن المجال الاجتماعي، لأنّ الإنسان يفكّر بينه و بين نفسه أكثر ممّا يفكّر وسط مجموعة . و سنطرح فيما يلي مراحل استخدام الفرد لتقنيات التفكير الجانبي، أو الابتكاري .

المرحلة الأولى : البـؤرة .
أولا : تحديد و توضيح بؤرة التركيز، التي سيختارها الشخص لبدء تفكيره الابتكاري .
ثانيا : إعداد و تجهيز المعلومات و المصادر،التي يمكن أن تكون مطلوبة للتفكير في هذه البؤرة .
ثالثا : التفكير في بدائل للبؤرة التي قد اختارها، بدائل في منطوق البؤرة و في تعريفها .
رابعا : تحديد البؤر الفرعية، المتشعّبة من بؤرة التفكير الرئيسية، و التي يمكن للفرد أن يستخدمها فيما بعد، لإثراء النتائج التي توصّل إليها .

المرحلة الثانية : التقنـية .
أولا : اختيار التقنية المناسبة من بين تقنيات التفكير الابتكاري . التوصّل إلى الاختيار الأمثل، تتطوّر بالتجربة و مع طول الممارسة .
ثانيا : تطبيق التقنية، بطرح الاستثارة المناسبة، للتوصّل إلى بدائل أفكار جديدة .
ثالثا : استخدام التقنيات الابتكارية في بلورة هذه الأفكار الجديدة و تطويرها .

المرحلة الثالثة ؛ الخـرج .
الخرج (output)، هو الناتج أو العائد، و هو الحصيلة المرجوّة من عمليات التفكير الابتكاري، و من استخدام الأدوات و التقنيات الابتكارية . و هو يتضمّن :
أولا : استنباط مفاهيم جديدة، و العودة بالأفكار الجديدة إلى الخلف، للوصول منها إلى المفاهيم الجديدة التي تنبع منها تلك الأفكار .
ثانيا : التعامل مع المفاهيم الجديدة، للوصول منها إلى ما يصلح من أفكار، لبؤرة التفكير الابتكاري التي بدأنا بها .
ثالثا : الحصـاد .. و هو يتضمّن الاستفادة الكاملة من عملية التفكير الابتكاري، و عدم الانصراف بالكامل إلى بريق الأفكار الجديـدة التي نتوصّل إليها، على ما يمكن أن يكون مفيـدا خلال عملية التفكـير الابتكاري ذاتها . و يتحقّق هذا بملاحظة الفرد لكل ما يمرّ به خلال عملية التفكير الابتكاري، بالنسبة لبؤرة التركيز التي اختارها .
رابعا : بعد الوصول إلى الأفكار الجديدة نحتاج إلى معالجتها . فنسأل أنفسنا : ما الذي نفعله بهذه الأفكار الجديدة ؟، و ماذا نفعل بالنسبة لباقي الأفكار ؟ . نحن هنا لا نهتمّ بالمفاهيم الجديدة، و لكنّنا نركّز على الأفكار الجديدة . و المعالجة تتضمّن أيضا إعادة تشكيل الفكرة الجديدة، بحيث تحظى بأوسع قبول، و تكون أكثر قوّة .
خامسا : و أخيرا، نصل إلى عملية الخرج، أو الناتج أو العائد، من كلّ ما سبق. و عائد العملية الابتكارية يجب أن يخضع لعمليات منظّمة، حتّى نصل إلى حصاده . هذا التوجّه المنظّم في التعامل مع الخرج، يستوجب من المفكّر الابتكاري أن يكون أكثر تحديدا، بالنسبة للأفكار و المفاهيم .

أضواء إشارات المرور

و فيما يلي مثال تطبيقي على ما أوردناه، يتّصل بتطوير إشارات المرور الضوئية الشائعة في شوارعنا .
البـؤرة
البؤرة هنا هي "تطوير إشارات المرور الضوئية"، و هي من فصيلة بؤر الغرض المحدّد . غرضنا في هذه الحالة الوصول إلى إشارات مرور متطوّرة، تخدم نفس الوظيفة الحاليّة، فنتساءل :
ـ لماذا نقيم إشارات المرور بشكل رأسي ؟ .
ـ لماذا نضعها عالية ؟ .
ـ لماذا نقتصر على مجموعة واحدة من الإشارات ؟ .
المفهــوم
المفهوم المستنبط من هذه التساؤلات هو : أضواء مرور متعدّدة، في أماكن متعدّدة .
التقنــية
التقنية التي نعتمد عليها في هذا هي تقنية "الهروب"، فنقول" نحن نأخذ مأخذ التسليم أن تكون أضواء المرور يجب أن تكون مرئية . (بو) .. إشارات مرور غير مرئية " .
فكـــرة
إشارات لاسلكية، تضيء النور الأحمر داخل السيّارة، و تعني إيقاف حركتها .
الخـرج أو العائـد
مفهوم الأضواء المتعدّدة، يمكن أن يوحي بتكرار عمل الأضواء في أماكن مختلفة . ربّما أمكن جعل التحكّم في الأضواء فوق أرضية الشارع، بوجود شريط بعرضه متغيّر الألوان، و ربّما أمكن الاعتماد على أضواء صغيرة، مرتّبة على هيئة أشكال معيّنة .
المفهوم المستنبط من فكرة الأضواء، التي بداخل السيّارة و المعتمدة على إشارات لاسلكية، هو أن تستجيب السيّارة بشكل آليّ للأضواء . كما يمكن أن يتم هذا بإحداث تغييرات في مستوى الطريق، ممّا يشكّل عائقا ماديا أمام السيّارة . كذلك يمكن ترجمة الإشارات اللاسلكية إلى صوت يسمعه السائق داخل سيّارته .
الحصـــاد
حصاد هذا كلّه، يتبلور في اتّجاهين عريضين :
ألا : أشكال و مواضع مختلفة للأضواء .
ثانيا : وجود شيء داخل السيّارة يستجيب آليّا للإشارات .
تشكيل الأفـكار
في هذه المرحلة، نصل إلى التالي :
أولا : جعل الضوء الأحمر أكبر من الأضواء الأخرى .
ثانيا : وجود أكثر كن ضوء أحمر .
ثالثا : جهاز داخل السيّارة يستجيب للإشارات اللاسلكية، على أن يستمرّ النظام العادي في عمله، توقّيا لحدوث خلل في الجهاز الذي بداخل السيّارة .
رابعا : مزيد من التفكير، لتطوير مفهوم العائق المادّي الذي يكبح تقدّم السيّارة و انطلاقها، عندما يكون الضوء الأحمر مضاء .
الخـرج الشـكلي
الخرج الشكلي، أو العائد المنظّم لعمليات التفكير الابتكاري السابقة، من أفكار و مفاهيم و قيم :
فكـرة : أضواء حمراء أكبر أو مزدوجة، لكي تكون أكثر وضوحا .
قيمـة : رؤية الضوء الأحمر أهمّ من رؤية أي لون آخر .
مفهـوم : نظام استجابة داخل السيّارة، يحدّد لون الضوء .
قيمـة : إنذار مبكّر و قوي، ينبّه إلى أن الأضواء حمراء .

في هذا المثال الذي طرحناه، كان من الممكن أن يتمّ الحصاد و معالجة الأفكار بشكل أكثر توسّعا .
من بين ذلك : الصعوبة الناشئة عن الإشارات اللاسلكية، في التمييز بين السيّارات القادمة من اتّجاه معيّن و السيّارات القادم من الاتّجاه المقابل . و هذا يقودنا إلى التفكير في أنّه ربّما كان الأفضل أن تكون هذه الإشارات قبل الوصول إلى تقاطعات الطرق، تفاديا للخلط في الإشارات اللاسلكية، بين اتّجاهي السيّارات .

شكرا جزيلا للمرسل

Comments

Popular Posts

تطوير التعليم العالي لتلبية احتياجات سوق العمل في دولة الإمارات

أهم المهارات القيادية المؤثرة على نجاح القادة: دراسة زينجر وفولكمان

أهداف و فوائد المجلة المدرسية

تُعد الفجوات التعليمية والسلوكية والنفسية من أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية في الوقت الحالي. ومن هذا المنطلق، تركز الجهود على تحديد هذه الفجوات ووضع حلول تطبيقية لسدها بما يضمن تحقيق المستهدفات الاستراتيجية ورفع مستوى جودة الحياة المدرسية. يُبرز هذا المستند أمثلة عملية لسد الفجوات المختلفة التي تعيق تحقيق الأهداف المرجوة.

نموذج خطة عمل مشروع تربوي

2014 افضل الصور عليها حكم و اقوال مأثورة Best wise words

التوازن بين الإجراءات والنتائج: دور الموارد البشرية والتمكين في تحسين جودة حياة الطلبة

9 استراتيجيات نفسية فعالة ورؤية الإمارات 2031 تسعى إلى بناء مجتمع معرفي مستدام يتمتع فيه المواطنون بمهارات قيادية وقدرات تنافسية عالمية. الانضباط الذاتي يُعد أحد المهارات المحورية لتحقيق هذه الرؤية، حيث يساهم في تمكين الأفراد من تطوير أنفسهم ومجتمعهم.