المال الحرام

عن أبي هريره رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

ان رجلا حمل معه خمرا فى سفينه يبيعه ومعه قرد ،فكان الرجل اذا باع الخمر شابه (اى خلطه )بالماء ثم باعه

قال فأخذ القرد الكيس فصعد به فوق الدقل فجعل يطرح دينارا فى البحر ودينارا فى السفينه حتى قسمه ..صحيح -رواه احمد فى المسند
الدقل بالدال والقاف المفتوحتين وهو خشبه يمد عليها شراع السفينه تسمى الصارى

هذه قصة تاجر غشاش ممن كان قبلنا كان يخلط الخمر بالماء ثم يبيعه وكان بيع الخمر عندهم مباحا ..اما فى شريعتنا فطبعالا يجوز

وكان مع هذا التاجر قرد يصاحبه ويلازمه ولما انتهى التاجر من بيع الخمر على السفينه الهم الله القرد ان يأخذ صرة الدنانير فجعل يسقط دينارا فى السفينه ودينارا فى الماء حتى قسم الدنانير نصفين وذلك لانه شاهد صاحبه وهو يخلط الخمر بالماء

وذلك بين القرد لصاحبه حلال ماله من حرامه واوضح له ان نصيبه من الدناينر هو فقط الذى رماه فى السفينه اما النصف الاخر فنصيب الماء لانه هو الذى اخلط به الخمر

هذه القصه توضح لنا عدة دروس


الدرس الاول :بيان تحريم الغش وعواقبه

والغش له صور متعدده

الغش فى الدين :وهذا اقبح الانواع ،قال الله تعالى :ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على مافى قلبه وهو الد الخصام *واذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد- صدق الله العظيم

وعن أبي هريره رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ،يظهر النفاق وترفع الامانه وتقبض الرحمه ويتهم الامين ويؤتمن غير الامين ،أناخ بكم الشرف الجون
قالوا وما الشرف الجون يا رسول الله ؟قال :فتن كقطع الليل المظلم-رواه الحاكم بإسناد ضعيف

الغش فى النصيحه :وهذا يعتبر جريمه

عن ابى هريره رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :المستشار مؤتمن -رواه الترمذي

-الغش فى الصحبه :وهذا مرض العصر وعن صوره واشكاله حدث ولا حرج
فكم من صاحب خان صاحبه فى مشورته

وكم من صاحب خان صاحبه فى ماله

وكم من صاحب خان صاحبه فى عرضه

وكم ..وكم .. وكم

الغش فى البيع والشراء وقد ورد فى هذا الغش احاديث كثيره منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من غشنا فليس منا-رواه مسلم

الغش فى الفتــــــوى

وهذا اقبح الذنوب لان المفتي والمتكلم فى مسائل الشرع كأنه يوقع عن الله رب العالمين

قال الامام ابن القيم -رحمه الله - فى اعلام الموقعين عن رب العالمين
اذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذى لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو اعلى مراتب السنيات ..فكيف بمنصب التوقيع عن رب الارض والسماوات

قال الله تعالى :وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ

وفى السنه المطهره

عن أنس قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :من سئل عن علم فكتمه ،الجم يوم القيامه بلجام من نار


وهذا كله من انواع الغش

اما الدرس الثانى من القصه :هو
ايضاح ان الغش يمحق البركه وهذا واضح فى تصرف القرد مع مال الرجل الذى انقصه باسقاط نصف ماله فى البحر

فقيل :جاء الحرام على الحلال ليكثره ..اخذ الحرام الحلال فبعثره

والعبره ليست بالكثره وانما بالبركه

قال الامام الغزالى فى الاحياء

الدرهم الواحد قد يبارك فيه حتى يكون سببا لسعادة الانسان فى الدنيا والدين ،والالاف المؤلفه قد ينتزع الله البركه منها حتى تكون سببا لهلاك مالكها ،بحيث يتمنى الافلاس منها

 

Comments