قائد الفريق

للعمل داخل فريق مهارات وقناعات ومعارف لا بد أن يعلمها ويتقنها أفراد الفريق وتزداد أهمية هذه المعارف و القناعات والمهارات لقائد الفريق لذا سأكتب تدوينات أخص بها قائد فريق العمل الجماعى بالمعارف والمهارات التى يجب أن يعلمها ويتقنها

قائد فريق العمل يجب أن يملك القدرة  على التأثير على أفراد فريق العمل  من أجل توجيههم وإرشادهم و  كسب تعاونهم وحفزهم على العمل بأعلى درجة من الكفاءة فى سبيل تحقيق الأهداف الموضوعة


يجب أن يملك قدرة على التركيز نحو الهدف و قدرة على التركيز على الإنتاج وليس النشاط المؤدى والفارق كبير بينهما تماما كالفارق بين من يدور على كوب ماء ويصيح يا سكر دوب والآخر من أمسك معلقة وأذاب السكر فى الماء مباشرة

لقادة فرق العمل الجماعى أنماط مختلفة  فى  إدارته لفرق العمل فمنهم :

من يدير بالأهداف : أى أنه يركز على الأهداف والإنتاج وهو فى سبيل هذا تجده  لا يهتم بمشاعر الأفراد  كما أن تحفيز أفراد الفريق يكون في حده الأدنى كما أنه  لا يهتم في اتخاذه للقرارات بمدى تبنى العاملين لها

من يدير بالأنشطة والوسائل : وهو المسئو

ل الذى يركز على العمل اليومى والتفصيلى كما أنه يبذل الجهد بصرف النظر عن تحقق الأهداف كما تجده يركز على المتابعة على الأنشطة دون متابعة على المردود والهدف

من يدير بالعلاقات الإنسانية : اما هذا القائد فتجده فى إدارته للفريق يركز على العلاقات الإنسانية وحاجات الأفراد لذا  عند التعارض بين أهداف العمل ورضا الأفراد يركز على رضاهم حتى لو كان القرار ليس هو الأفضل و مقياس النجاح عنده هو رضا الأفراد وإعجابهم

ومن قادة فيق العمل من يدير الفريق لتجنب المشاكل : جل تركيز هذا النوع على عدم حدوث مشاكل  فهو يريد للأيام ان تمضى سهلة  تزعجه المشاكل والعقبات الأولوية عنده لطلبات من يتوقع بعدهم عن المشاكل أو العقبات

أما أخطر الأنماط فهو من يدير بالفوضى : هنا فى فريق العمل لا أحد يدرى ما القرار فالإدارة  لا تحسم شيئا كل واحد يستطيع أن يفهم القرار بالصورة التى يريدها أو يقصدها

وأخيرا هناك نمط من يدير الفريق بالمتاح ( باللى قدامه )

القائد المؤثر فى فريق العمل الناجح فى إدارته للفريق يجب أن يقوم  بأربع مهام رئيسية :

أولا: تحديد الرؤية : ( أى صورة المستقبل ال

منشود)

فهو يوضح لأفراد الفريق الحلم ويحدده لهم فى صورة جميلة المستقبل المنشود مما يجعلهم متفائلين وصامدين أمام الصعاب

ونجد ذلك جليا فى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو دائم التذكير بالآخرة ( وهى الرؤية النهائية ) قال تعال " قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) وهذا الرسول يحث أصحابه على الجهاد ويقول لهم ( قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض )

ثانيا : إيصال الرؤية للأفراد :

فلا قيمة للرؤية إلا إذا فهمها أفراد الفريق بل  وآمنوا بها

وقد كان للرسول طريقته الخاصة فى جعل الصحابة يرون هذه الرؤية بصورة واضحة كما يرون واقعهم وبالتالى فإنهم يتحمسون لها ويندفعون نحوها ويحيون من أجلها

ثالثا : تطبيق الرؤية :

القائد الفعال هو الذى لا يكتفى بشرح الرؤية بل يعيشها

ودليل ذلك ما ورد عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما رفع رأسه فى بيت النبى أنه قال فوالله ما رأيت فيه شيء يرد البصر إلا أهبة ثلاث فقلت يا رسول الله ادع الله ان يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا وقال افى شك أنت يا بن الخطاب

رابعا : رفع التزام الأتباع تجاه الرؤية

فبعد ان يحدد الرؤية ويوصلها للأفراد ويعيش

ها ويطبقها فى نفسه فإن من أدواره الرئيسية  زيادة التزام الأفراد  بها بوسائل كثيرة منها :

التشجيع والتذكير الدائم بالقصص وأخبار السابقين

مشاركة أفراد فريق العمل فى تشكيل الرؤية واتخاذ القرار

_______

قائد فريق العمل وإجادة العلاقات الإنسانية


يقصد بالعلاقات الإنسانية عملية تنشيط واقع الأفراد فى موقف معين مع رضاهم النفسي بالإضافة إلى تحقيق الأهداف المرغوبة لفريق العمل

وهنا فتحقيق الأهداف المرغوبة يرتبط بمراعاة المشاعر والعلاقات الإنسانية وكيفية استغلالها لتحفيز الأفراد نحو أداء مهمتهم فى فريق العمل

أسس العلاقات الإنسانية :

1- الإيمان بقيمة الفرد :

وهو أن يؤمن القائد بأن لكل فرد شخصية متميزة يجب احترامها وتقديرها و أن الفرد العادى إن اتيحت له الفرصة لكى يفكر تفكيرا موضوعيا منزها عن الاعتبارات الشخصية فسيكون قادرا على الوصول الى قرارات رشيدة معقولة قائمة على اسس علمية سليمة فيما يعترضه من مواقف ومشكلات

2- المشاركة والتعاون :

ان العمل الجماعى اجدى و اكثر قيمة من العمل الفردى حين يتاح المناخ المناسب للفريق والمناقشة فى موضوع معين أو أمر من الأمور فإن قدرة الفريق على فهم الموضوع وتحديد ابعاد

ه وملابساته واتخاذ القرار بشأنه تكون أفضل مما لو ترك الأمر للاجتهادات الفردية

3- العدل فى المعاملة :

ضرورة أن يسود مبدأ العدل والمساواة بين أفراد الفريق ويجب أن يعامل قائد الفريق جميع أفراد الفريق معاملة تتسم بالعدل والمساواة بعيدا عن التحيز والمحاباة وذلك فى ضوء قدرات الأفراد وإمكاناتهم ومواهبهم وإيمانا بمبدأ الفروق الفردية بين أعضاء الفريق .

وهناك أسس أخرى للعلاقات الإنسانية يجب التركيز عليها من قائد الفريق نحو أفراد فريق العمل وهى :

4- وجود الرغبة لدى العاملين

الرغبة للعمل شىء هام جدا لينجح الأفراد فى أداء مهمتهم داخل فريق العمل ويخطئ الكثير من المسئولين حينما يظنون أن مجرد تكليف الأفراد بدون استشعار رغبتهم نحو أداء المهمة كافيا ليقوم الأفراد بمهامهم ….قد يقوم بها البعض بالتكليف حسب مستوى تربيته ولكنها تظل بدون حماس أو حافز يدفع للابتكار والإبداع فى أداء المهمة ويصب

ح أدائها روتينيا وقد يفتر وتضعف الهمة وخاصة إن كانت المهمة شاقة أو طويلة زمنيا

5- توفر الثقة بالنفس لدى جميع العاملين بالمؤسسة

بناء الثقة بالنفس وبالقدرات الفردية دافع لإنجاز المهمة ويجب أن يلاحظ قائد فريق العمل أنه يجب أن يعطى للأفراد المساحة للابتكار والإبداع فى إطار الخطوط الأصلية لمهام فريق العمل وهذا لن يتحقق إلا بعد إشاعة روح الثقة بالنفس فى الأفراد وفى قدراتهم الفردية

6- ايمان كل فرد بقيمة الافراد الآخرين واحترام رغباتهم

7- التصرف بوضوح فى ضوء أهداف العمل بالإضافة إلى توفير المواقف التى تساعد الأفراد على نجاح العمل بما يحقق الاهداف المرجوة

فى تدوينات إدارة الذات تحدثت عن اللمسات وكي

ف أنها دافع لضبط السلوك على المستوى الفردى إلا أنها أيضا من الأهمية بمكان ليدركها قائد الفريق لبعث ودفع أفراد فريق العمل نحو أداء المهمة بحماس وكفاءة فأرجو الرجوع إليها وسوف أشرح هنا كيف يجيدها قائد الفريق لحفز أفراده

وكما قيل اذا اردت ان تأخذ فعليك بداية ان تعطى فإليك بعض طرق إعطاء اللمسات الإيجابية لأفراد فريق العمل :

يمكنك أعطاء اللمسات بطريقه مباشره للأفراد وإن وجدت انه من الصعب عليك أن تقول شيئاً مادحاً أو مؤيداً أو رقيقاً فكر في أن تعبر عما تريده عن طريق كتابته وإرساله

تعد الهدايا من أفضل طرق اللمسات قال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم (( تهادوا تحابوا )) والهدايا لا يقصد بها الرشوة او الإعطاء المزاجي , ولكن المقصود أن تعطي المرء هدية كتعبير له عن شعورك تجاهه – وهى تعنى بطريقة غير مباشرة انك تقول له أنا أحبك – أنا أحب أدائك وعملك – أنا أشعر بك ولك مكانه في حياتي

لوحة الشرف أو قائمة الانجازات هى أحد الطرق العملية لإعطاء اللمسات الإيجابية للآخرين

أحسن إلي الناس تستعبد قلوبهم ـ فلطالما استعبد الإنسان إحسان وهى قاعدة يجب أن يتقنها قائد فريق العمل مع أفراده فأى قائد هذا أو مسئول عن فريق العمل وهو لا يدرى شيئا عن ظروف والأحوال المعيشية لأفراده كيف يتوقع أن يؤدى الأفراد المهمة وبعضهم قد يكون مطحون مستهلك وقته بين أعباء الظروف الحياتية والمعيشية فتعرف على أحوال أفرادك وأحسن إليهم كن معهم فى السراء والضراء بها تستعبد قلوبهم وتحقق بهم أهداف فريق العمل

قد تكون اللمسات  مدح صادق , أو مذكرة أو خطا

ب تقدير رقيق , أو مكالمة شكر أو تحية أو تعبير عن شعور , أو بسمة تعطيها للآخرين , أو أن تتلقي أحدهم بترحيب حار بالأحضان . قال تعالي "قول معروف ومغفرة خير من صدقة " , وقال الله تعالي " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" ولقد أثني الله تعالي في القرآن الكريم علي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم .

إن هناك أكثر من طريقة للتعبير للآخرين أنك تعترف بهم  وأنك تقبلهم وتقدرهم وتقدر ما يفعلون  ولقد قال الحكيم العربي : " ابتسم فان الابتسامة تعكس مشاعرك تجاه الآخرين "  وعن أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق "

وكان النبي صلي الله عليه وسلم دوماً يمدح أصحابه ويطلق عليهم الأسماء الجميلة  فيقول عن خالد رضي الله عنه ( سيف الله المسلول )  وعن الحسن والحسين ( سيدا شباب الجنة)  وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ( سيدا كهول أهل الجنة )  وعن حمزة رضي الله عنه ( أسد الله وأسد رسول الله ). ويقول ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله ) ويقول ( إن الثناء ينبت الود في صدر أخيك كما ينبت الماء البقل) .

قائد فريق العمل ومهارة التكليف


هناك أمور وأصول عامة يجب أن يراعيها القائد أثناء تكليفه الأفراد بالمهام ومنها :

1- ينبغى أن يكون التكليف واضحاً لدى القائد أولا قبل أن يكلف الأفراد به

2- يجب أن يراعى القائد تكليف الأفراد بالمهام في الموعد المناسب الملائم لأهداف المؤسسة ولظروف أفراده

3- يجب أن يكون التكليف واضحاً ومحدداً.

4- أثناء إعطاء التكليف يجب أن يتأكد من أن ك

ل فرد في الفريق قد استوعب التكليف وتبنى العمل به.

5- يجب أن يركز القائد على تبنى الفريق للتكليف وتبنى الأفراد للتكليف كفيل بأن يؤدى الأفراد التكليف بحماسة وثير الدافع والتحفيز نحو أداء التكليف


6- ومن الأمور الهامة جدا أن يمتلك القائد القدرة المتميزة على خلق جو من الحب والأخوة واستمرار هذه الملكة شرط الاستمرار في المسئولية

ولضمان أن يكون التكليف فع


ال فالأمر لا يقتصر على قائد فريق العمل  فقط وإنما على الإدارة العليا والمؤسسة دور كبير فى تحقيق ضمانات التكليف الفعال


فينبغى  أن يتوافر لجهات التكليف الدراية الكافية بمقتضيات كل مهمة وموانعها سواء من حيث الإمكانيات الذاتية أو الظروف الحياتية.

كما ينبغى  أن تشتمل تقارير الترقي بنود خاصة بالظروف الحياتية وطبيعة المهام الملائمة والظروف التي يصعب العمل فيها أما  الأفراد فينبغى أن يتوفر فيهم القدرة على التكيف وامتلاك مهارات التأهيل الذاتي حتى بعد صدور التكليف وقيام الأفراد بأداء مهمتهم فينبغى أن تكون هناك مراجعة مستمرة للأسس وثوابت ارتباط الفرد بالمؤسسة والعمل على تأكيدها وتقويتها.

ومن الأهمية بمكان توافر الآليات الفعالة لوضوح الرؤية والتي تضمن معرفة كل فرد بطبيعة مهمته ومقتضيات تنفيذها وصلاحياته وحقوقه وواجباته وأسس محاسبته عليها (علي كل ذلك).

كذالك على القائد أن يعلم أن هناك شروط يجب توفرها ليضمن أستمرار التكليف الفعال وضمان استمرار الأفراد فى الأداء الجيد للتكليف والمهام وهذه بعضها :

1- ألا تتعارض المهمة المكلف بها مع تكوينه الشخصي وإمكانياته الذاتية . أشاهد مثلا فى أوقات كثيرة أن يقوم المسئولين بتكليف أفراد بالعمل مثلا فى قسم الاشبال بدون رفع لإمكانيات الفرد الذاتية وتكوينه

وهل يسمح بالعمل فى هذا القسم أم لا

2- أن يكون منطلق المكلف في التعامل مع المهمة منطلقا صحيحاً متناسقا مع قيمة وقيم المؤسسة العليا وغايته وغايات المؤسسة

3- ألا تتعارض المهام المكلف بها مع الظروف الحياتية المفروضة عليه وهذا خطأ يقع فيه الكثير من المسئولين وهو عدم أخذ الظروف الحياتية للأفراد فى الاعتبار قبل وأثناء أداء التكليف مما يؤدى إلى ضعف فى الأداء أو فتور وعدم الإنجاز بالصورة المرغوبة

4- أن تتسم العلاقة بينه وبين جهات التكليف بالثقة والتقدير  ففيها حافز ودافع وحماسة نحو أداء التكليف

5- أن يتم التكليف بالمهام في إطار القيم والأعراف التي قامت عليها العلاقة بينه وبين المؤسسة.

6- أن تؤدي جهات التكليف صور الدعم الواجب عليها (مال

ي – بشري).

7- أن يستشعر الفرد أهمية المهام المكلف بها.

8- أن تتسم المهام بالإمكانية والواقعية.

9- أن يسود مناخ العمل الداخلي قيم الحفز والتشجيع.

10- سيادة مفهوم الترقي الوظيفي وتبديل الأدوار كعرف مستقر.

11- أن يحظى نظام المراجعة وتقويم الأداء بالاحترام والاعتراف والقبول من قبل الجميع.

12- سيادة شعور عام بأن إسناد المهام يتم في إطار راشد.

13- الاطمئنان لضمانات العدالة داخل المؤسسة.

14- أن تكون قيمة الإنسان معتبرة بشكل كبير ولها أولوية عند اتخاذ كافة القرارات.

15- توافر آليات للتعبير عن الرأي واحترامه.

16- عدم التعرض لضغوط خارجية تفوق القدرة على الاحتمال.

إلى قائد فريق العمل : لا قيـــــــادة مـــن غيـــــر إقـنـــــــاع




وقبل أن أواصل معكم هذا الموضوع

هذه مقالة قرأتها للدكتو

ر على الحمادى نشرت فى مجلة المجتمع وهى فى نفس موضوعنا بعنوان لا قيـــــــادة مـــن غيـــــر إقـنـــــــاع

كثير من الناس يعتقدون أن الإدارة الناجحة هي التي تستخدم سلطاتها لإلزام وإكراه الأفراد على تنفذ الأوامر والقرارات، ولا شك أن هذا الأسلوب هو أسلوب العاجز الضعيف إن المدير الناجح هو الذي يسعى لتبرير جميع قراراته وأوامره، وإقناع المنفذين بأهميتها وضرورة تنفيذها؛ ذلك لأن القناعة تؤدي إلى الحماسة والإخلاص في التنفيذ، بينما عدم الاقتناع بقضية أو قرار ما يؤدي إلى مشكلات وعوائق لا حصر لها،

ولذا وجب العمل على إقناع الأفراد ضماناً لحسن العمل وجودة وإتقان التنفيذ إن الناس ليسوا آلات لا تفكر، بل هم بشر ينبغي احترام عقولهم والعمل على إقناعهم بأهمية الأمر قبل مطالبتهم بالتنفيذ، ولقد أثبتت التجارب أن الأسلوب الدكتاتوري التسلطي من أفشل الأساليب القيادية، كما أنه لا يليق بكرامة البشر وكبريائهم.

إن الأفراد يمجون القرارات والأوامر العسكرية التي فيها اسمع وأطع، ونفذ ثم ناقش، إذ إن الأسلوب الحضاري المناسب الصحيح هو ناقش ثم نفذ كم من المقررات المصيرية اتخذت ونجحت بسبب اقتناع الأفراد بها، فقدموا من أجلها التضحيات الكبيرة، ومن الأمثلة على ذلك ما روي عن «هيوستن» – أحد القادة الأمريكيين – حيث كان صاحب حجة وإقناع، وكان يقف أمام الكونجرس الأمريكي ويخطب خطباً بليغة لا يستعمل فيها كلمة مرتين، فيسحر ألباب الرجال.

وفي عام 1830م كان قد نجح لتوه في تسكين ثائرة الهنود الحمر، وجلبهم إلى توقيع اتفاقية مع الحكومة، فاستدعاه الرئيس الأمريكي آنذاك وقال له: إن تكساس تتبع المكسيك، ومستقبل أمريكا متعلق بها، ولا بد من ضمها إلى الولايات المتحدة، وأريدها منك، فقال «هيوستن»: نعم، أنا لها، زودني بمال ورجال، فقال الرئيس: لو كان عندي مال ورجال ما دعوتك، بل تذهب منفرداً وبلا دولار واحد، وأبعث معك حارساً حتى تعبر نهر المسيسبي ثم يعود. قبل «هيوستن» المهمة، وودعه الحارس على ضفة النهر، واندفع «هيوستن» نحو تكساس، فلما دخل أول مدينة بها فتح له مكتباً للمحاماة، فكان المدعي في المحكمة يخرج متهماً، والمتهم بريئاً، لبلاغته وقوة لسانه، حتى انبهر به الناس فلاذوا به، فتلاعب بمفاهيمهم وأخيلتهم وغرس فيهم معنى ضرورة الاستقلال، وأنشأ حركة قوية أتمت الاستقلال، ثم غرس معنى وجوب الانضمام إلى الولايات المتحدة، فانضمت طواعية بالقناعات التي غرسها «هيوستن».

جاء «هيوستن» بعد سنوات قليلة إلى الرئيس الأمريكي وسلمه مفتاح تكساس، إذ لم تطلق رصاصة أمريكية واحدة ولم يصرف دولاراً واحداً، فشكره الرئيس الأمريكي، وخلّد عمله بإطلاق اسمه على مدينة «هيوستن» التي هي الآن من أهم مدن أمريكا وعاصمة النفط فيها. وكذلك توجد العديد من النماذج التي ضربت مثلاً سامياً في القدرة على الإقناع، منها، أن بعض الزنادقة جاؤوا إلى الإمام أبي حنيفة (يرحمه الله)، فشككوا في وجود الله تعالى، فقال لهم الإمام أبو حنيفة: دعوني فإني مفكر في أمر أخبرت عنه، قالوا: وما هو؟ قال: أخبرت أن سفينة في البحر موقرة، تسير وتخترق الأمواج دون قائد أو حارس، فقالوا: من يقول هذا! لا يقول هذا إلا مجنون، فقال أبو حنيفة: إذا كانت السفينة لا تستطيع أن تسير دون حارس أو قائد.. فما بالكم بهذه السماوات وهذا الكون أيسير دون حارس أو قائد؟! فاقتنع الزنادقة بكلام أبي حنيفة، وقالوا: صدقت، نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

ويُروى أنه كان بالكوفة رجل مسلم يزعم أن عثمان بن عفان كان يهودياً، ولم يستطع العلماء إقناعه، فأتاه أبو حنيفة فقال له: أتيتك خاطباً، قال: لمن؟ قال: لابنتك، رجل شريف، غني بالمال، حافظ للكتاب، سخي، يقوم الليل، كثير البكاء من خوف الله تعالى، فقال: في دون هذا مقنع يا أبا حنيفة، فقال أبو حنيفة: إلا أن فيه خصلة، قال وما هي؟ قال: إنه يهودي، قال: سبحان الله أتأمرني أن أزوج ابنتي من يهودي؟! قال: ألا تفعل؟ قال: لا، قال: النبي [ قد زوج ابنته من يهودي – يشير إلى كلام الرجل عن عثمان – فقال الرجل بعد أن عرف خطأه واقتنع أن عثمان مسلم وليس يهودياً: أستغفر الله، إني تائب إلى الله عز وجل.

ورغم أهمية الإقناع، ودعوتنا إلى عدم اللجوء إلى الإكراه، إلا أنه من الحكمة أحياناً استخدام أسلوب الإكراه، فعندما تتحقق المصلحة في أمر لا يقتنع به بعض المنفذين، ويكون لدى المسئولين علم يقيني أو يغلب فيه الظن أن المصلحة في تحقيقه، هنا يمكن للمسئول وفي حدود ضيقة، أن يلزم الآخرين برأيه وإن خالف آراء المنفذين. نؤكد هنا أن الإكراه ليس هو المنهج السليم الذي يحسن أن يتخذه المسؤولون، وإنما هو آخر الدواء، إذ لا يستخدم إلا في حالات محدودة ضيقة.

المصدر ابومروان

Comments