في رحلة بناء شخصية الطفل يقع كثير من الاباء والمربين في فجوة دقيقة بين تعزيز الثقة بالنفس وبين السماح بالتسلط والغرور فنحن نريد ان نربي طفلا قويا قادرا على التعبير عن رايه لا ان يتحول الى شخص يفرض رايه على الاخرين نريد منه ان يبادر ويتقدم لا ان يتجاوز حدود الاخرين نريد منه ان يكون صاحب موقف لا ان يصبح ديكتاتورا صغيرا داخل الاسرة او المدرسة
اذن كيف نغرس الثقة دون ان نزرع بذور التعالي وكيف نوازن بين التقدير الذاتي واحترام الغير
الثقة ليست صوتا مرتفعا ولا رايا دائما
الثقة الحقيقية تنبع من الداخل لا من الصوت العالي الطفل الواثق لا يحتاج ان يقاطع الجميع ليثبت نفسه ولا ان يتحداهم ليظهر قوته بل يكون مطمئنا لمكانته دون ان يلغي غيره
مثال تطبيقي طفل في صفه كان يعارض كل راي خوفا من ان يظهر ضعيفا فاقترحت عليه معلمته ان يدير حوارا بين زملائه دون ان يشارك برايه فقط ليستمع ثم يناقش بعد ذلك فتعلم ان الثقة لا تعني السيطرة بل الانصات ايضا
امدح السلوك لا الشخصية
عندما نمدح الطفل بشكل مطلق مثل انت عبقري او انت الافضل قد نغرس فيه شعورا بالتفوق المفرط الافضل ان نمدح السلوك مثل اعجبني كيف فكرت في حل جديد او كان رائعا ان تعبر عن رايك بادب
مثال تطبيقي اب قال لابنه بعد ان انهى واجبه دون تذكير اعجبني انك تذكرت بنفسك هذا يدل على وعيك وليس انت اذكى واحد في البيت هذه الكلمات تصنع تقديرا متزنا لا شعورا بالتفوق على الاخرين
حرية الراي لا تعني الغاء الاخر
من المهم ان نعلم الطفل ان رايه مهم لكن ليس وحده الصحيح ان له ان يعبر لكن لا يفرض ان يختلف دون ان يسيء
- استخدم عبارات مثل رايك مهم ونريد ان نسمعه
- اساله كيف ترى هذا الامر دون ان تفرض عليه اجابة
- علمه ان يضيف الى النقاش لا ان يلغي من فيه
مثال تطبيقي اسرة تجري نقاشا عائليا حول مكان التنزه كل فرد يقترح مكانا ثم يتم التصويت هنا يتعلم الطفل ان رايه لا يعني القرار وحده وان الاغلبية لها احترام وان الاختلاف لا يفسد الود
لا تطلب منه الكمال ولا تجعل منه قاضيا
حين نطلب من الطفل ان يكون دائما قدوة او ان يراقب اخطاء اخوته دون ان ينتبه لاخطائه هو نغرس فيه شعورا بالافضلية والانفصال عن الجماعة
مثال تطبيقي ام لاحظت ان ابنتها تقول لاختها دائما انت لا تعرفين مثلي فردت الام انت ذكية في الرسم لكنها جيدة في الترتيب وكلنا نتعلم من بعض ليس الهدف ان يكون احد افضل بل ان يكمل بعضنا بعضا
عزز القيادة لا السيطرة
نحتاج ان نميز بين الطفل القيادي والطفل المتسلط فالقيادي هو من يلهم ويتعاون ويستمع بينما المتسلط يامر ويتجاهل ويفرض
- امنحه فرصا للقيادة ضمن فرق لا بشكل فردي
- ناقش معه اخطاءه في القيادة بصراحة دون احراجه
- اثن عليه عندما يظهر روح التعاون لا الامر
مثال تطبيقي مدرسة كلفت احد الطلاب بقيادة نشاط جماعي لكنه حاول فرض قراراته على زملائه فتم تقييم الفريق بناء على قدرة القائد على اشراك الجميع لا على النتيجة وحدها هذا علمه ان القيادة مسؤولية لا سلطة
الختام الثقة الحقيقية لا ترفع الصوت بل ترفع الوعي
في نهاية الامر الطفل الذي نريد ان نربيه هو ذلك الذي يعرف قدر نفسه ويحترم قدر الاخرين يعبر عن رايه دون ان يلغيهم يتحرك بقوة دون ان يدوسهم يرى نفسه جيدا دون ان يرى غيره اقل
فلنغرس في ابنائنا ثقة متزنة لا متعالية ونمنحهم ادوات التفاعل الناضج لا التسلط الصامت ونرافقهم في بناء شخصية قوية باخلاقها راقية في تعبيرها متوازنة في مواقفها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق