علاقة العناصر الإدارية الخمسة بالجودة

 

تطبيق إدارة الجودة على عناصر الإدارة

أصبحت الجودة في ارتباطها بالإدارة، أسلوب حياة وفلسفة إدارية، تؤمن بأن الميزة التنافسية تتحقق عبر تقديم خدمات جيدة للأفراد، والحصول على رضاهم ووفائهم. وللوصول إلى تلك الغاية فإن الأمر يتطلب إحداث تغييرات عميقة في النظام الإداري، على مستوى الفكر والسلوك والقيم، لبلوغ أعلى جودة بأقل كلفة.

لذا يكمن القول بإن إدارة الجودة هي فلسفة تحسين مستمرة لوظائف الإدارة وعناصرها، استجابة للتغيرات المتلاحقة التي تطبع اليوم بيئة الأعمال، وسعيا لتقليل الآثار السلبية المرتبطة بخدمة العملاء. وبصرف النظر عن مجال نشاطها (خدمي، صناعي، تجاري..) فإن الوظائف الإدارية تشكل المدخل الرئيسي لأية مقاربة، تطمح لإحداث تغيير جذري على مستوى العمل الإداري. بمعنى أن إدارة الجودة ينبغي أن تركز على تطوير جودة كل وظيفة من الوظائف الخمس للإدارة، وهي: التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والمتابعة، والتقييم.

التخطيط

إن تطبيق إدارة الجودة يجب أن يبدأ بتحديد رؤية مستقبلية واضحة، وأهداف بعيدة المدى، بحيث تتمكن الإدارة من تقييم أدائها الفعلي. لذا يعد التخطيط وظيفة أساسية لا ينتهي مفعولها إلا بتحقق الهدف من خلال العمل الإداري. يتضمن التخطيط لإدارة الجودة عدة إجراءات متسلسلة هي:

  • التحديد المسبق للأهداف بشكل واضح، ليسهل تنفيذها من قبل العاملين.
  • صياغة القواعد التي ترشد إلى أسلوب تحقيق الأهداف.
  • عرض البديل الملائم من بين اختيارات متعددة، ثم الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذه.
  • التنسيق بين العاملين على أسس من الانسجام والتعاون، وتفادي حدوث تضارب أو تعارض.
  • وضع برنامج زمني لتنفيذ الأهداف والأنشطة الملائمة، وتحديد المسؤوليات المتعلقة بتنفيذها.
  • تتحقق الجودة في التخطيط من خلال استثمار أفضل للموارد البشرية والمادية، وضمان الرقابة الداخلية والخارجية على مدى تنفيذ الأهداف؛ وهو الأمر الذي يعزز لاحقا قدرات ومهارات المديرين في وضع الخطط والبرامج.

    التنظيم

    يوصف التنظيم في إدارة الجودة بأنه عملية حصر الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف، وتوزيع المسؤوليات على الأفراد، إلى جانب تحقيق الانسجام والتعاون بين مجموعة العمل. غير أن التنظيم لا يكون مكتملا إلا إذا تضمّن خمسة مكونات أساسية، هي:

    • تكوين الهيكل التنظيمي: وهو مرتبط بازدياد حجم أعمال الإدارة وتنوعها، مما يستدعي التخصص، وتوزيع المهام على مجموعات رئيسية وفرعية. وفي ضوء مرتكزات الجودة الشاملة، تُطرح أمام الإدارة خيارات متعددة للأسس التي يجب أن يقوم عليها تقسيم الأعمال، كالأساس الجغرافي، والوظيفي، والسلعي وغيره. وتبقى للمدير صلاحية اختيار الأساس الأنسب في ضوء المزايا التي يوفرها.
    • تحديد المسؤوليات: أي الواجبات والمهام التي تؤديها كل وحدة من وحدات الهيكل التنظيمي؛ وتتعرض عند التقصير في ذلك للمساءلة.
    • تحديد السلطات: بما أن لكل وحدة مسؤوليات ومهام يجب أداؤها على الشكل المطلوب، كان من الضروري تفويض الصلاحيات والاختصاصات التي تتكافأ مع تلك المهام.
    • تحديد العلاقات التنظيمية: وهو إجراء ضروري يوضح طبيعة الارتباطات بين وحدات الهيكل التنظيمي، مما يساعد على انسيابية الأعمال والإجراءات بشكل سهل ومحدد.
    • تحديد الشروط والمواصفات: وتعني هنا ضوابط إسناد كل منصب من المناصب التي ظهرت على الهيكل التنظيمي.
    • التوجيه

      بحسب إدارة الجودة دائما فإن التوجيه هو حلقة الاتصال بين الخطة المصممة لتحقيق الأهداف من جهة، وبين التنفيذ من جهة أخرى. ويعتمد على الوضوح في إصدار التعليمات، والتوفيق بين إنجاز المهام في المواعيد المحددة والحفاظ على الروح المعنوية والنشاط لدى الأفراد. يقوم التوجيه على ثلاث ركائز أساسية:

      • الاتصال بالمسؤول على الوحدة لتحديد كيفية إتمام المهام. وقد يكون الاتصال شفويا أو مكتوبا، كما قد يتضمن تفاصيل محددة أو يقتصر على أوامر عامة تسمح بالتكيف لإنجاز العمل.
      • تعزيز الروح المعنوية: وذلك باستحضار مفاهيم القيادة الحديثة التي تنمي مهارات التعاون الاختياري في تنفيذ الأعمال.
      • الرقابة: وهي من العمليات الإدارية الهامة التي تحقق الالتزام بالقواعد والقوانين. وأفضل نماذجها يقوم على تدارك وقوع الخطأ والتخلص من مسبباته.

      المتابعة

      لا تنتهي وظيفة التخطيط بوضع الخطة، بل يستمر حضورها من خلال التأكد من التنفيذ، وجرد الانحرافات في الخطة ثم العمل على تلافيها. من منظور إدارة الجودة فإن البحث عن أسباب الانحراف يتحقق بإحدى هذه الوسائل:

      • مراجعة الخطة، من حيث عدم دقة المعطيات والبيانات، أو عدم صحة الافتراضات.
      • مراجعة التنفيذ، من حيث بروز اتجاهات سلبية لدى العاملين، أو تجاهل الخطة للعامل الإنساني.
      • ظروف وأسباب خارجية، كالقيود الحكومية، أو الاعتماد على جهات أجنبية.

      التقييم

      بناء على مخرجات العملية الرقابية يتم الانتقال إلى الوظيفة الأخيرة في إدارة الجودة، وهي المتعلقة بالقياس والتقييم. ورغم تعدد وتنوع أدوات المتابعة والقياس، إلا أن الملاحظة الشخصية والتقارير الدورية تشكلان أفضل الأداتين لرقابة كفؤة وفاعلة. أما التقييم فإن الجودة، بحسب اتجاهات المنظمات الحديثة وتفضيلاتها في هذا الشأن، ترتبط بنموذج الإدارة بالاستثناء، والذي يفرض اليوم حضوره كحقيقة واقعة، فحتى تصميم النظم والذكاء الصناعي يعتمد على كشف الاستثناءات التي تتطلب التقييم.

      والإدارة بالاستثناء هي نظام للتعريف والاتصال، لا يلجأ لإشعار المدير بضرورة التدخل إلا حين تنشأ الحاجة إلى ذلك. ومن مزاياه أنه يوفر الوقت والجهد، ويقلل من تشتت الأفكار أو اتخاذ القرارات. غير أن التمادي في اعتماده، أو غياب خبرة بمضمون وفلسفة هذا النظام، يؤدي إلى عدم اهتمام المدير بتقييم الموقف، واتخاذ إجراءات تصحيحية إلا حين الوقوع في الأزمات وانهيار فاعلية الإدارة، بسبب الخيط الرفيع بين الاستثناء والأزمة في الواقع العملي.

      إن تطبيق إدارة الجودة على العناصر الخمسة التي تشكل العمل الإداري يحتاج أيضا إلى تغيير ذهنيات وسلوكيات الأفراد، وتحقيق التزام ظاهر للعيان وفي جميع مستويات الإدارة، كما يتطلب ممارسة نمط قيادي فعال، والتحلي بفن الإصغاء لأفراد الفريق والعاملين لتعزيز الثقة، وتبديد المخاوف.

      فيديو مقال علاقة العناصر الإدارية الخمسة بالجودة

       

Comments