تقییم أداء الشركات
*
بقلم د. عمر الجھماني
یعتبر تقییم أو قیاس أداء الشركات احد العناصر الأساسیة لنظام الرقابة الإداریة، وأكثر مھام المحاسبة
الإداریة أھمیة وأكثرھا صعوبة، لذا فإن النظام الفعال لقیاس أداء العملیات التشغیلیة یجب أن یتضمن
مؤشرات أساسیة للأداء، وھي مقاییس تتولى دراسة نشاط الشركة ككل من وجھة نظر الزبائن، بھدف
توفیر تغذیة عكسیة لمساعدة أعضاء الشركة على تحدید القصور وفرص التحسین. وتساعد مقاییسُ الأداء
الجیدة على تطابق أھداف الوحدات الفرعیة مع الأھداف الاستراتیجیة للشركة، ومن ثم یجب أن یتضمن
نظام قیاس الأداء كلا من مقاییس الأداء المالیة وغیر المالیة.
إن ربط مقاییس الأداء باھتمامات الزبائن، وان كان یحتل الأولویة دائما في الشركات، إلا أن ذلك یجب
ألا یكون على حساب متطلبات أصحاب جھات أخرى لھم علاقة بالشركة مثل المستثمرین والدائنین
(المقرضین) والموردین، والمجتمع، لذلك یجب تحدید مقاییس الأداء على أساس تحقیق أھداف الشركة،
والتي تمثل مجموعة من العناصر منھا( الجودة، الوقت، تخفیض التكالیف، خدمة العملاء...الخ)، التي
تؤدي في النھایة إلى استمرار الشركة في تحقیق أرباح على المدى البعید.
مقاییس الأداء المالیة: نظرا إلى اھتمام إدارة الشركات بزیادة ثروة المساھمین وتقییم الأداء الاقتصادي
للوحدات الفرعیة في الشركة فقد انتشر استخدام مقاییس الأداء المالیة التي تعتمد على المعلومات المالیة
والمحاسبیة، ومنھا على سبیل المثال العائد على الاستثمار، والقیمة الاقتصادیة المضافة ، وتعتبر مقاییس
الأداء المالیة ترجمة لنتائج القیاس التشغیلي والتي تستخدم في تحدید مــدى تحقیق الأھداف الاستراتیجیة
للشركة.
من أھم فوائد استخدام المقاییس المالیة لتقییم أداء الشركات الآتي:
* إنھا تصور تأثیر القرارات بوحدة قیاس قابلة للمقارنة وھي النقود التي تسمح بتجمیع النتائج عبر
وحدات الشركة.
* إنھا توضح تكالیف المبادلات بین الموارد، ومن ثم یبقى الأداء المالي مؤشراً ضروریاً لقیاس الأداء.
* یمُكن القیاس الكمي للأداء بربط نظام الأجور والحوافز بالأداء والإنجازات الفعلیة، مما یؤدي إلى
تطویر أداء العاملین بما یتوافق مع الأھداف الاستراتیجیة، وبذل الجھد الكافي في حسن استغلال الموارد
لتحقیق الأھداف المحددة بالكفاءة والفاعلیة المطلوبة.
ویؤخذ على مقاییس الأداء المالي العدید من الانتقادات أھمھا الآتي:
* انھا تضعف الأداء لأنھا ذات طبیعة تاریخیة، حیث تركز التقاریر على الأنشطة التي حدثت في السابق
من دون الاھتمام بالقیمة الحالیة والمستقبلیة ، ولھذا السبب فھي تعتبر غیر كافیة في عملیات اتخاذ
القرارات التي یقوم بھا المدیرون لتحسین العملیات التشغیلیة الحالیة والمستقبلیة حیث قد تعطي إشارات
مضللة عن التحسین المستمر والابتكارات في تطویر العملیات التشغیلیة.
* لا تساعد المقاییس المالیة التقلیدیة المدیرین على إدراك العوامل التي توجھ النجاح في شركاتھم وتطور
مھارات العاملین وكفاءة العملیات التشغیلیة التي تبدع فیھا الشركة. لذا فان المقاییس المالیة لا تعبر بشكل
2
كافٍ عن أداء الشركة، وتحد من قدرة المدیرین على اتخاذ القرارات الصائبة التي توجھ الأداء الحالي
والمستقبلي للشركة إلى أفضل مستوى تطمح إلیھ، لذلك یجب على الشركات استخدام مقاییس الاداء غیر
المالیة بجانب المقاییس المالیة للوصول إلى الصورة الدقیقة والشاملة لتقییم الأداء.
مقاییس الأداء غیر المالیة: إن التغیر في البیئة التكنولوجیة للعملیات التصنیعیة الحدیثة، وما صاحبھا من
زیادة احتیاجات الزبائن وشدة المنافسة أدت إلى ضرورة إیجاد مقاییس جدیدة للأداء التشغیلي للشركة
تتلاءم مع الأھداف الصناعیة الحدیثة مثل مقاییس الجودة، أداء المخزون، الإنتاجیة، المرونة
والابتكارات. وتعتبر مقاییس الأداء غیر المالیة أداة أساسیة للرقابة الاستراتیجیة، فھي تمثل محاولة لتأكید
أھمیة توجیھ العملیات الداخلیة، بالإضافة إلى ذلك فإن مقاییس الأداء غیر المالیة تتضمن مقاییس كمیة
مثل إدارة الإنتاج على أساس عدد الوحدات المنتجة، وھناك مقاییس كیفیة تقیس -مثلا- سمعة المنتج أو
الخدمة، رضاء وولاء المستھلك، ومرونة عملیات التصنیع، وتعتبر مقاییس الأداء غیر المالیة مھمة
لاستمرار نجاح الشركة في الأجل الطویل.
وتتمیز مقاییس الأداء غیر المالیة بما یلي:
* سھولة تتبعھا وربطھا باستراتیجیات الشركة، فھي تساعد المدیرین على اتخاذ القرارات الصحیحة في
الوقت المناسب.
* یمكن تطبیقھا على مستوى الوحدات الصناعیة في الشركة، فمن الممكن تحدید انخفاض الجودة بسرعة
في ظل ھذه المقاییس، ویمكن اتخاذ خطوات علاجیة لحل المشكلة أو خطوات وقائیة تمنع الوقوع في
المشكلة.
* تتناول مشكلة استجابة الشركة للزبائن في الوقت المناسب، في حین لا تكتشف المقاییس المالیة ھذه
المشكلة بسھولة.
* تركز على الأصول غیر الملموسة، حیث یرتبط عنصر النجاح في العدید من الصناعات بالأصول
الثابتة غیر الملموسة مثل رأس المال الفكري وإدراك الشركات لدورھا في خدمة وتنمیة المجتمع المحلي
والمحافظة على ولاء الزبائن، أكثر من ارتباطھ بالأصول الثابتة الملموسة التي تظھر مقدرة الشركة
المالیة والإنتاجیة.
* تقلل من الحساسیة النفسیة بین الموظفین بعكس المقاییس المالیة، حیث تظھر تقییماً لأداء كل قسم أو
فریق عمل أو موظف بشكل أكثر عدالة ومن دون تمییز بین الموظفین والأقسام، مما یحسن أداء
المدیرین ویوفر مؤشرات أكثر دقة لتقویم أعمالھم، ویقلل الضغط على المدیرین الناتج عن أدوات القیاس
المالیة التي تؤثر في التعاون والتكامل بین فریق العمل الذي یقوم بتحقیق أھداف الشركة. وعلى الرغم
من تلك الممیزات التي تتمیز بھا مقاییس الأداء غیر المالیة فإن ھناك معوقات في تطبیقھا، وتتمثل في
الآتي:
* صعوبة التعبیر عن ھذه المقاییس في صورة نقدیة مثل صعوبة القیاس النقدي لمقیاس التسلیم في الوقت
المحدد أو مقیاس انخفاض زمن دورة الإنتاج، أو تحدید تأثیرھا على المقاییس المالیة في صورة نقدیة
مثل الربط بین التحسینات في المقاییس غیر المالیة والأرباح.
* صعوبة الربط بین المقاییس المالیة وغیر المالیة، فقد تتعارض المقاییس في الأجل القصیر مما یؤثر
على أداء الشركة ككل فمثلا من الصعب ربط الزیادة في الإیرادات عند شراء آلة جدیدة لأحد الأقسام
بانخفاض زمن دورة الإنتاج كھدف للشراء.
* لا یوجد معیار محدد لقیاس الأداء غیر المالي على العكس من مؤشرات قیاس الأداء المالي.
* عدم وجود الرابط السببي بین مؤشرات القیاس غیر المالي ومستوى الأداء المراد تحقیقھ مما یقلل من
موضوعیة تلك المؤشرات.
3
إن قیاس الأداء لم یعد یقتصر على المعیار المالي أو الكمي فقط لیعكس الصورة الحقیقیة لنجاح شركة ما،
أو إداراتھا وأقسامھا، فتقاریر الأداء المبنیة على مؤشرات رقمیة لتبین كمیة العمل لیست معبرة لقیاس
جھة ما وذلك لكونھا تعطي رؤیة محددة للأداء تؤدي إلى وصول متأخر للمعلومات، وبالتالي الوقوع في
دوامة الإجراءات التصحیحیة وتكالیفھا الباھظة بدلا من الإجراءات الوقائیة الأسھل والأقل تكلفة. ولتقییم
أداء شركة أو فروعھا فإننا نحتاج إلى رؤیة أشمل بتوزیع متوازن للمقاییس یوضح حصیلة الأداء الشامل
للشركة، وھناك أسالیب وتقنیات لإدارة الأداء أھمھا استخدام بطاقة العلامات المتوازنة، وھي طریقة
تستخدم لتقییم أداء منشأة أو أداء وحدة وإیجاد التوازن لمعاییر الأداء الناجح.
* مقالة نشرت في جریدة اخبار
تطوير التعليم العالي لتلبية احتياجات سوق العمل في دولة الإمارات
تطوير التعليم العالي لتلبية احتياجات سوق العمل في دولة الإمارات إعداد د.بدر الحوسني يعد التعليم العالي من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تسعى الدولة إلى مواكبة التطورات السريعة في سوق العمل المحلي والعالمي. ولتحقيق ذلك، يجب تبني استراتيجيات شاملة تهدف إلى تحسين جودة التعليم ورفع كفاءة مخرجاته لتلبية متطلبات العصر واحتياجات القطاعات المختلفة. في هذا السياق، يمكن التركيز على عدد من المحاور الرئيسية: 1. فتح تخصصات حديثة تواكب سوق العمل تشهد دولة الإمارات تحولًا اقتصاديًا نحو القطاعات المستقبلية مثل التكنولوجيا المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة. لذا، يجب العمل على استحداث تخصصات أكاديمية عصرية تلبي هذه المتطلبات وتزويد الطلاب بالمهارات التي يحتاجها سوق العمل المستقبلي. 2. تقليص القبول في التخصصات التقليدية مع تراجع الطلب على بعض التخصصات التقليدية، يصبح من الضروري تقليص القبول في هذه المجالات التي لا تتوفر لها فرص وظيفية كافية. يمكن توجيه الطلاب نحو تخصصات ذات قيمة مضافة واحتياجات سوقية حقيقية، مع توفير الإرشاد الأكاديم...