طريقة تعليمية تربوية للمدارس : مفهوم الصف المقلوب


نوره الذويخ - الجبيل  


قررت هذا العام الدراسي أن أطبق مع طالباتي مفهوم انتشر مؤخرا في التعليم وهو الصف المقلوب أو المنعكس (Flipped Classroom) و هو شكل من أشكال التعليم المدمج التي توظف التقنية الحديثة بذكاء لتقديم تعليم يتناسب مع متطلبات و حاجات الطلاب في عصرنا الحالي , ويقوم على قلب مهام التعلم بين الصف و المنزل والذي لا يمكن تحقيقة دون توظيف التقنيات الحديثة, فدمج التقنية الحديثة في العملية التعليمية أصبح الآن مطلباً وليس ترفاً أو اختياراً ..


سأتطرق في البداية إلى واقع الفصول التعليمية في المدارس , في كل صباح يتوجه الطلبة لمدارسهم للجلوس على مقاعد خشبية , لتلقي التعليم من المعلم و الذي يعد مصدر المعلومات لمدة 30 دقيقة أو أكثر, يسجل الطلبة ملاحظاتهم و يتلقون نفس المفاهيم  في نفس الوقت و بنفس الوسيلة , قد يسرح طالب , و يتشتت فهم طالب آخر , وقد يشعر أخر بحرج من طلب إعادة جزئية لم يستطع فهمها خلال سير شرح الدرس .


في نهاية اليوم يعود الطلاب للمنزل لحل الواجبات المنزلية و التي قد يجد طالب صعوبة في حلها , و الأخر يمكنه الحل بسهولة , و هناك من يحتاج الحصول على مساعدة .


من الضروري هنا أن نعلم أن الطلاب لهم أساليب تعليمية مختلفة , و الأساليب التقليدية  المتبعة لا تتناسب مطلقا مع حاجات الطلبة , فهي غير مجدية ولا تثير التشويق نحو التعلم لعدم انسجامها مع بيئتهم الحياتية خارج المدرسة .  لذا كان أحد الحلول لهذه المشكلة هي (الصف المقلوب ) , تقوم فكرته على قلب ( عكس ) العملية التعليمية , فبدلا من أن يتلقى الطلبة المفاهيم الجديدة بالفصل ثم العودة للمنزل لأداء الواجبات المنزلية في التعليم التقليدي , يتلقى الطلاب هنا في الفصل المقلوب المفاهيم الجديدة للدرس في المنزل من خلال إعداد المعلم مقطع فيديو مدته ما بين  5 – 10 دقائق و مشاركته لهم في احد مواقع الـ web2 أو شبكات التواصل الاجتماعي , أو مشاركتهم أحدى مقاطع الفيديو أو الوسائط المتعددة او ألعاب تعليمية من مصادر المعلومات الالكترونية مثل  Youtube for Education  أو TED Talk  أو Kan Academy  أو iTunes University   و غيرها من المواقع التعليمية .


يتعلم الطلبة مفاهيم الدرس الجديد في أي وقت في المنزل باستخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة الحاسوبية المحمولة مثل الأيباد , يمكن للطلاب إعادة مقطع الفيديو عدة مرات ليتمكنوا من فهم المفاهيم الجديدة . كما يمكن تسريع المقطع لتجاوز الجزئيات التي لهم خبره بها , مع امكانية تدوين الملاحظات , لذا فهي تراعي الفروق الفردية بين الطلبة. عنصر الملل سيختفي و سيرتفع التشويق و الاستمتاع بالتعلم . يمكن للطلبة مشاركة مفاهيم الدرس الجديدة  من خلال المحادثة الجماعية في أحدى مواقع التواصل الاجتماعي التعليمية مثل Edmodo . يمكن اعداد اختبار الكتروني Quiz لمفاهيم الدرس الجديدة ليقوم الطالب بالاجابة عن الاسئلة المطروحة , الاختبار سيساعد المعلم بالتقييم المبدئي لتمكن الطلبة من المفاهيم , كذلك التعرف على الجزئيات التي اخفق الطلبة بالاجابة عليها ومن هم الطلبة بالتحديد الذين اخفقوا و بالتالي يركز على توضيحها لاحقا في الصف .


في اليوم التالي يأتي الطلبة للفصل ولديهم الاستعداد الكامل لتطبيق ما تم تعلمه مسبقا في المنزل . يضمن الصف المقلوب الاستغلال الجيد لوقت الحصة , حيث يبدأ المعلم بتقييم مستوى الطلبة في بداية الحصة ومراجعة ما تم تعلمه في المنزل  ثم يقدم لهم مهام , أنشطة , مجموعة مسائل أو مشاريع ليتم تأديتها في الفصل بدلاً من إضاعة الوقت في الاستماع إلى شرح المعلم . الواجبات المنزلية في الصف المقلوب تختفي , حيث يقوم الطلبة بأداء الأنشطة التي كانت فروضا منزلية في الصف .


دور المعلم هنا موجه و مساعد و محفز , يشرف على سير الأنشطة و مقدما الدعم للطلبة الذين بحاجة لمزيد من التقوية. فيتمكن المعلم قضاء مزيداً من الوقت في التفاعل مع طلابه داخل الفصل بدلا من إلقاء المحاضرات . و يتيح له الوقت الكافي للتعمق أكثر بالأنشطة التعليمية الفعالة مع الطلبة.


في التعليم التقليدي يقف المعلم بين مصادر المعلومات و الطالب , أما في الصف المقلوب فيحصل الطالب على المعلومات من مصادرها مباشرة .


  يتحول الطالب في الصف المقلوب إلى باحث و مستخدماً للتقنية بفاعلية من خلال التعلم خارج الفصول الدراسية , معززاً التفكير الناقد و التعلم الذاتي و بناء الخبرة ومهارات التواصل  و التعاون بين الطلاب  , ليحقق بذلك مهارات القرن الحادي و العشرين في التعليم.


أخيراً من المهم أن نعلم أن دمج التقنية بحد ذاتها لا تحقق الهدف من تعلم المهارات و المفاهيم  , إذ  تعتمد بالمقام الأول على استعداد المعلم و مهارته في توظيف التقنية لتطوير طرق التدريس و التحفيز و التواصل مع الطلبة , ومن هنا يحدث التغيير في تحصيل الطلبة و الحصول على مخرجات تعليمية عالية.



نشره: 
عمر خليفة
تاريخ النشر : 
29-07-2014
التقويم:  

التعليقات

ان الآراء المذكورة هنا تعبر عن وجهة نظر أصحابها و لا تعبر بالضرورة عن آراء مكتب التربية العربي لدول الخليج
  • »
  • «
  أضف تعليقاً
نص التعليق

Comments