كيف يصنع القائد رؤيته المستقبلية


كيف يصنع القائد رؤيته المستقبلية
تخيل نفسك تقود سيارة على طريق ساحلي في يوم مشمس بديع والتلال على يسارك والمحيط على يمينك وفي بعض المنحنيات تجد الألسنة الصخرية الممتدة لمئات الأقدام في الماء وأثناء السفر بالسرعة المسموح بها والأضواء والرياح تداعب شعرك ولا يشغلك شئ عن التمتع بتلك النزهة الرائعة،وفجأة يظهر في الطريق دون سابق إنذار ضباب كثيف لم تر مثله من قبل ، فماذا ستفعل؟
قد تقول: سوف أبطئ السرعة ويقول الآخر : أشعل الأنوار ويقول ثالث: أمسك بعجلة القيادة بكلتا يدي
ورابع: أجلس معتدلا وأنحني للأمام ،تخيل أنك بعد ذلك دخلت منحنى آخر من الطريق وانقشع الضباب ووضحت الرؤيا ماذا ستفعل الآن ؟ بالطبع ستقول : استرخ أسرع أطفئ الأنوار أستمتع بالمناظر.
إن هذه المقارنة توضح أهمية وضوح الرؤية خاصة عندما تكون مسرعا، أيهما أسرع القيادة في الوضوح أم في الضباب . الأمر واضح تستطيع أن تقود بسرعة عندما تكون الرؤيا واضحة وتستطيع أن تتنبأ بالتحولات والمطبات عندما نستطيع أن نرى أمامنا.
ولقد حدثناك أيها القائد سابقا عن سمات الرؤية الجيدة ، وآن الأوان لنحدثك الآن عن السبيل العملي إلي أن تصنع من نفسك قائدا لديه القدرة علي وضع هذه الرؤية المستقبلية
وإذا كان التابعون يريدون من القادة أن يكون لديهم بعد نظر وتطلع إلى المستقبل وإحساس بالاتجاه ، فيجب على القادة أن ينمو هذه القدرة لكي يتطلعوا إلى المستقبل بأن يجيدوا هذه الأساسيات:
1 _ خصص وقتا للتفكير في المستقبل:
من المهم أن تستغرق وقتا بعيدا عن دوامة العمل، وتنسى كل ما يتعلق بالمطالب الملحة العاجلة وتحاول أن تعيش في المستقبل الذي أنت قادم عليه في محاولة لرسم صورته. يقول تشارلس كترنج: ' ينصب اهتمامي على المستقبل لأني سوف أقضي بقية عمري ضال '
2_ تخيل الإمكانيات المحفزة والعظيمة :
أن القادة يفكرون في الإمكانات وليس الاحتمالات فالاحتمالات يجب أن تعتمد على الأدلة القوية لتكوين وتأسيس الدعم والإمكانيات ليست كذلك فكل المغامرات المعاصرة بدأت بفكرة الإمكانيات وليس بفكرة الاحتمالات ، بالإضافة لذلك فإن هناك احتمال أن معظم المشروعات الجديدة سوف تفشل فلو قبل القادة هذه الفكرة فلن يبدءوا عملا جديدا. وسواء كانت قائدا لقسم صغير أو كبير فيجب أن تصنع رؤية مشتركة وجدول أعمال وتوجه الجميع تجاه هدف الشركة كقائد ، يجب التطلع للمستقبل وبعد ذلك تهيئ الظروف للآخرين ليشكلوا رؤية عامة معا ، رؤية مبنية على نموذج مثالي وصورة فريدة لمستقبل مشترك.
 3 _ اقرأ السيرة الذاتية لقائد ملهم ذي رؤية :
راجع قائمة قادة التاريخ الذين أعجبت بهم واختر شخصا تريد أن تعرفه أكثر ثم اذهب إلى المكتبة واحصل على السيرة الذاتية لهذا الشخص ثم اقرأها واهتم كثيرا بالقصص الذي يشترك فيها القادة الذين أعجبت بهم ولو نظرت فلن تجد أعظم من النبي عليه الصلاة والسلام وهو أعظم قائد فاقرأ كتاباً من كتب السيرة النبوية تجد فيها أعظم الأثر. 
4 _ فكر في ماضيك:
في بحث مدهش وشوق قام عمر الصاوي في جامعة جنوب كاليفورنيا بدراسة على أربعة وثلاثين مديرا تنفيذيا وقسمهم إلى مجموعتين متساويتين وأجرى لهم اختبارا يدعىVISTO  وهو اختبار صحة ليقيس توجههم الزمني وفي جزء من هذا الاختبار طلب منهم أن ينظروا إلى مستقبلهم الشخصي ليفكروا في أمور قد تحدث لهم في مستقبلهم وفي الجزء الآخر من الاختبار طلب منهم أن يفكروا في أمور حدثت لهم في الماضي وطلب منهم أن يكتبوها في قائمة وأن يضيفوا لها تاريخا.
وقد كتبت واحدة من المجموعات الأحداث الماضية أولا أما المجموعة الأخرى فقد دونت الأحداث المستقبلية وقام الصاوي بمقارنة طول آفاق الماضي والمستقبل للمجموعتين فوجد أن من دونوا الأحداث الماضية أولا لديهم آفاق في المستقبل أطول بما يعادل أربع سنوات عن من دونوا أحداث المستقبل أولا وخرج بافتراض: 'أننا نفهم عالمنا بالنظر إلى الماضي، وكل فهمنا يعود من الانعكاس والنظر إلى الوراء، فنحن نبني المستقبل بنوع من الاستكشاف يكون الماضي فيه مقدمة الطريق إلى المستقبل وذلك بالنظر إلى الوراء' ولكي يفكر القائد في الماضي عليه أن يستخدم خط العمر  وإليك نسخة مختصرة منه:
ارجع بالذاكرة إلى ماضيك وسجل الأحداث المميزة في حياتك
بجانب كل حدث عظيم يمثل نقطة تحول اكتب كلمة أو كلمتين توضح الخبرة المستفادة منه
عد وراجع كل هذه الأحداث واكتب بعض الأسطر عنها وابحث لماذا كان هذا الحدث عظيما بالنسبة لك؟
حلل الأسطر أي من الأهداف تحقق ؟ ما نقاط القوة ؟ وما هي الأهداف والأنماط التي تجدها إجبارية في المستقبل؟
5 _حدد الشيء الذي تريد أن تفعله :
 ' إن العالم يفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب ' هل أنت في وظيفتك لفعل شئ معين أم أنك في وظيفتك لشيء ما تفعله غير محدد ؟ لو أن إجابتك لفعل شئ محدد خذ ورقة وفي قمتها اكتب : ماذا أريد أن أفعل ؟ واكتب قائمة بالأشياء في كل جزئية اسأل نفسك لماذا أريد هذا ؟
وإليك بعض الأسئلة الإضافية :
كيف أحب أن أغير العالم لنفسي ومؤسستي ؟
لو أني أستطيع أن اخترع المستقبل فما نوع المستقبل الذي أبدعه لنفسي ومؤسستي ؟
ما أهم مهارتي أو قدراتي ؟
ماذا سيحدث بعد عشر سنوات لو أني‎‎ انشغلت وأنهيت في هذا العمل؟
ما جدول أعمالي وماذا أريد أن أطور منه ؟
 فبهذه الأسئلة يتضح لك ما هي أهدافك و ما الذي تريد أن تفعله وهو جزء من الرؤيا المستقبلية الذي ستوجه إليها أتباعك يقول فارجية ليز ' الذين يخفقون في تحديد الأهداف لأنفسهم هم الأتباع في العالم وهم الذين يتبعون ولا يقودون يبلون بلاء حسنا عندما تكون الأمور على ما يرام لكنهم يتخلفون في الصفوف الخلفية عندما تتعقد الأمور فتصبح صعبة'
 فالأهداف ليست أمرا مهما فحسب بل هي اللبنات تبني نجاح المستقبل ويتكون فيها المستقبل العملي فبدون الأهداف المحددة من السهل جدا الخروج عن الطريق فلا تستطيع أن تسيطر على مجريات حياتك أبدا ويضيع الوقت هباء لأنه ليس هناك ما يستدعي العجلة فيتكاسل الإنسان و يسوف و يؤجل أعماله  لكن الأهداف هي التي تحدد الاتجاه وتجعلنا نركز لتحقيقها. واعلم أن الرؤية القادرة على إحداث تغيير هي التي تتسم بـ :
·        ملائمة للمؤسسة والوقت
·        تضع مقاييس للتفوق والامتياز وتعكس مثلا عليا
·        توضح الطريق والاتجاه
·        تلهب الحماس وتشجع على الالتزام
·        جيدة الصياغة يسهل فهمها
·        تعكس خصوصية المؤسسة
·        طموحة
6_ اكتب عبارة تفصح عن رؤيتك:
اكتب الصورة الذهنية المثالية والفريدة لمستقبلك ولمؤسستك، و لابد أن يكون تعبيرك عن رؤيتك مختصرا فبمجرد أن تكتبها حاول أن ترسمها  أو ابتكر رمزا يمثلها يقول إدوارد جويز: ' فنحن لا نبيع الزهور وإنما نبيع الجمال' وبعد أن تصنع الصيغة لرؤيتك يجب أن تمر عليها من آن لآخر تحسنها وتحدثها فالعالم يتغيرولذلك يجب أن تجعلها تساير التغيير.
7 _كن مستقبليا : 
فكر في  النسبة التي تكرسها من وقتك لخلق رؤية مستقبلية لا تندهش إذا كانت النسبة منخفضة فقد اكتشف الباحثون أن القادة غير الملهمين يقضون ثلاثة في المائة من الوقت في التطلع للمستقبل وهو رقم يثير الشفقة. ولذلك عليك أن تقضي جزءا كبيرا من وقتك لدراسة المستقبل وقراءة الكتب عن ذلك.
 8 _حدد الصورة الإجمالية واخرج عن الإطار الجامد :
إن القادة الملهمين الذين يملكون صفة التطلع إلى المستقبل هم الذين يكثرون من النظر إلى الصورة الإجمالية لأن كثرة النظر إلى الصورة الإجمالية يكسب القائد منظورا جديدا يقوده إلى حلول جديدة لمشاكل مستعصية خاصة أن المشاكل والظروف ترتبط ببعضها البعض وتتضح أكثر عند التفكير بالصورة الإجمالية.
وعلى القادة أن يضعوا رؤاهم في إطار يتخذ شكلا تنفيذيا بشرط أن لا يكون جامدا فلا بد من القادة أن يخرجوا من الإطار القديم لإعادة النظر فيه وبالتالي فهم الأمور بطريقة جديدة وإطار جديد.
 9_ اختبر افتراضاتك :
إن افتراضاتك هي التي توضح وتحدد ما هو ممكن، ولتحديد نفعها في ضوء رؤيتك اتخذ الخطوات الآتية:
كون قائمة من افتراضاتك التي تحدد رؤيتك
اسأل نفسك عن كل فرض هل هو حقيقي أم لا
اطلب نصائح من أقرب المستشارين لك حتى يوضحوا لك هل تتفق أفكارهم مع أفكارك أم لا؟ ولماذا؟
اختبر افتراضاتك بفعل تجربة أو اثنتين بدلا من أن تناضل بالكلمات والورق
 10_ دعم رؤيتك من خلال التخيلات والتأكيدات :
بمجرد أن تتضح رؤيتك ابدأ بتدريب قدراتك العقلية لتساعدك في تحقيق أهدافك ، تخيل نفسك عندما تكون أنت ومؤسستك في الرؤية وقد حققت انجازات عظيمة , ثم جرب هذا الأمر  مرات عديدة. ثم استخدم حديث الذات الإيجابي بإرسال تأكيدات إلى عقلك الباطن بأنك تستطيع تحقيق هذه الرؤية واكتبها بصورة إيجابية كمثل:
أنا واثق  من أني أجد فرصا مثيرة بقبول هذه التحديات
أنا أجد الحماس عند التعبير عن رؤية لمستقبل
وكلما تصرفت بإيجابية نحو التطلع إلى المستقبل لكلما استطعت أن تعبر بصورة ايجابية للآخرين فبوضع الرؤية المستقبلية أيها القائد تكون قد وضعت قدم  على الطريق و يبقى كيف توجه الآخرين تجاه هذه الرؤية .

المراجع:
القيادة تحد                            كوزس و بوسنر
القيادة الإدارية الناجحة               كارول أو كونر
اكتشف القائد الذي بداخلك            ديل كارنيجي
أسرار قادة التميز                    إبراهيم  الفقي

Comments